الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

للطوارئ.. فقه ومؤتمر

بشّرتنا الأخبار قبل أيام بأن رابطة العالم الإسلامي برئاسة الدكتور محمد العيسى، ومجلس الإمارات للإفتاء الشرعي برئاسة الشيخ عبدالله بن بيه، سينظمان خلال الأسبوع الثاني من شهر ذي القعدة مؤتمراً «عن بعد» حول «فقه الطوارئ»، وفي هذا بأمر الله خير كبير للتداول حول التدابير اللازمة لمواجهة الظروف غير العادية التي تهدد الناس، والتي قد لا يكون الفقه التقليدي قد أتى عليها.

لا أقول إن المجامع الفقهية الكبرى قد تأخرت عن الخوض في هذا الأمر، فقد رأينا خلال الفترة الماضية بعض الجهود الخاصة والعامة، والتي تحتاج إلى لملمة وإضافات تؤكد أن الفكر الديني لا بد من أن يواكب عصره، وأن التفقه في الدين خير خادم للإنسانية جمعاء.

إن المتعمق في الفقه الإسلامي سيعرف أنه يتمتع بمرونة تتيح للفقيه القدرة على التعامل مع الجديد من غير المتوقع، وتمكنه من مسايرة أي متطلبات تواجهه.


ففي قوله تعالى: «إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّه فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ»، آية (173)، سورة البقرة، وقوله سبحانه: «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْم فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ»، آية (3)، سورة المائدة، وغيرهما من الآيات الشريفة، إشارات واضحة لأصحاب البصائر، الذين لن يحتاروا أمام ظروف العصر مهما تلونت وتغيرت.


إن فقه الطوارئ ومرادفاته ونظائره كفقه النوازل، وفقه الواقع، وفقه الموازنات، وفقه الأولويات، وفقه المآلات وغيرها من المسميات يحتاج إليه الباحث في تقرير المصالح والمفاسد بعضها مع بعض، ومن يتغلب على من، وكذلك من يريد القيام بتنزيل الأحكام الشرعية على الواقع، وهذا يستلزم بذل الجهد في فهم النصوص الشرعية، في إطار قواعدها الكلية، وضوابطها الأُصولية، للوصول إلى استنباط حكم فقهي جديد، في مستجدات حادثة، ونوازل معينة، وحوادث طارئة، وهو الذي سيحققه المؤتمر بكل يقين.