الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الموسيقى.. والشعور المُفتعل بالذنب

منذ سنوات طفولتي الأولى، وأنا ارتبط بعلاقة إيجابية مع الفنون الجميلة بمختلف مجالاتها، من الموسيقى والغناء والرسم إلى النحت والزخرفة والخط العربي وغيرها من مجالات الفنون، وفي أحيان كثيرة أحب مشاركة من يتابعني على مواقع التواصل الاجتماعي ما يروق لي من هذه الفنون.. مقطوعة لعمر خيرت.. أغنية لماجدة الرومي.. لوحة لرامبرانت، وهلم جراً.

قبل يومين وصلتني رسالة من قارئة في مثل عمري، أو تكبرني بشهور قليلة، وقالت بلهجة عاتبة: «تروق لي كتاباتك في تويتر، لكن تؤذيني المقاطع الموسيقية التي تشاركنا إياها من حينٍ إلى آخر».

اندهشت من كلامها، وسألتها باهتمام بالغ: «وما وجه الأذى في سيمفونية رائعة لشتراوس أو بيتهوفن؟».


ردت: الشعور بالذنب يا أستاذ!


لست هنا بصدد الإفتاء بجواز الاستماع للموسيقى من عدمه، فهذا الأمر له أهله، لكن كل الذي أستطيع أن أقوله في هذه العجالة أن الشعور بالذنب، وما ينتج عنه من أعراض غير مريحة، مثل القلق والشعور بالصداع ناتج أساساً عن البرمجة الفكرية التي خضع لها الإنسان لفترة زمنية طويلة من حياته، فالطفل الذي نشأ على فكرة أن الموسيقى محرمة شرعاً، من المؤكد أنه لن يشعر بالراحة وهو يستمع إليها، لأنه في قرارة نفسه يشعر بأنه ارتكب معصية، ويستحق على إثرها العقاب.

أما الذي نشأ على فكرة أن الموسيقى فن جميل له أثر إيجابي على النفس، ويرتقي بالذائقة الجمالية للإنسان.. فبالتأكيد سيستمتع بها، ولن يمر بهذه المعاناة، إذ إن المشكلة في البرمجة الفكرية، وليست في الموسيقى ذاتها.