الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

تجليات نماذج الضّد

نحن نكبر، ونرتقي و«نتجوهر» بفعل تأثير الأشخاص الجميلين الذين «تمنحهم» لنا الحياة، يأتوننا على هيئة منح ربانيّة، قد لا يتسنى لكثيرين الحظوة بهم في مشوار العمر، فهم إما أن يفتحوا لك نوافذ جديدة في الحياة أوأنهم يمنحونك شيئاً من «نفحاتهم» و«تجلياتهم»، فتغدو الحياة إلى جانبهم ومعهم رحلة جميلة مهما اعترضها من كدر ووصب؛ أثرهم فيك يبقى جليّاً وعميقاً، كالوشم، يشعرونك بالامتنان لهم دونما سبب!

أما الأشخاص السيئون، فهم من يصقلوننا من الداخل، وبالرغم من كل شيء، فهم يعيدون ولادتنا في كل مواجهة معهم نخرج منها ونحن متماسكين ولم نفقد إنسانيتنا أو أخلاقنا أوأحلامنا وأمنياتنا.. فالأشخاص السيئون أو «القبيحون»، وحدهم من يمنحوننا الفرصة لالتقاط مساحة ذلك البياض الكامن في داخلنا، الذي نستشعر معه السلام والسكون والالتئام في كل مرة يراودنا الشعور بالأسى أو الأسف على كل ما سقط منا في خضم تلك المواجهات التي استنزفت العمر وأرهقت القلب، شعور يبعث في النفس الرضا والغِنى أكثر من شيء آخر.

القسوة التي نواجهها من البعض، ونقف حيالها مكتوفي الأيدي أحياناً لأي سبب كان، قد تكون هي الحافز الذي يمنحنا القوة اللازمة، قد نتيقن ربما من هذا لاحقاً، فالقسوة والظلم قد يصنعان إنساناً ربما ليس كما تمنى هو، ولكنهما حتماً سيجعلانه كما يجب أن يكون عليه.


في الواقع، نحن نتاج لتأثير نموذجين متضادين، يمثلان قطبي الخير والشر في هذه الحياة منذ الأزل، فكلما ارتفع الوعي الداخلي فينا تمكنا من استثمارهما إيجابيّاً، في المحافظة على مراكز قوانا الداخلية من التلاشي وإبقائها في حالة من الاتزان والثبات والألق الدائم.