الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

العلم درب الأمم الناجحة

ما الذي يميز الأمم الناجحة عن غيرها؟ حكماً إنها تأخذ بأسباب الحضارة، وفي المقدمة منها العلم كأهم آلية وجواز سفر إلى العلا والقمم والذرى الأدبية والمادية.

ليس سراً أن ما جرى على أرض الإمارات طوال السنوات الـ50 المنصرمة أمر يكاد لا يصدقه العقل الاعتيادي، إذ كيف لأمة حديثة العهد في مسارها الدولي المعاصر، وإن كانت أرضاً ذات حضارة قديمة، أن تضارع اليوم كبرى الدول حول العالم عبر كافة مناحي الحياة.

الأمر المؤكد هو أن الإماراتيين قد عقدوا العزم على ترتيب أولويات الحياة، وفي المقدمة الأخذ بأسباب النهوض، وهناك في تاريخ العرب، سيرة ومسيرة طويلة من العلم والنهضة، تلك التي عرفت طريقها إلى أوروبا فصعدت بها ولا يزال الصعود مستمراً.

مسبار الإمارات الذي انطلق منذ عدة أيام جهة المريخ، فصل جديد من فصول الإبداع الإماراتي الخلاق، وهو نتاج وحصاد لدولة أضحت سردية من سرديات الأمم في التسامح والتصالح، مع الذات ومع الآخرين، فلا صراعات تشغلها، ولا مكر أو دسائس تدبر لها، إنما تسعى في طريق كل ما يجمع ولا يفرق، ويوماً تلو الآخر تضع حجر بناء شاهق يخدم الإنسانية برمتها.

إحدى العبارات الرائدة عند المؤرخ الأمريكي الكبير وول ديورانت، أن «البشر وليس الأرض هم من يصنع الحضارات»، وهو قول صائب وسديد ويتجلى اليوم بأروع منظر فيما أقدمت عليه الإمارات التي تكتب تاريخاً عربياً يعيد أمجاد الماضي.

مثير شأنك أيتها الإمارات رفيعة الشأن، وأكثر إثارة شأن الإماراتيين أنفسهم، ففي حين ينشغل البعض في الإقليم بإثارة القلاقل والحروب، وتقسيم العالم العربي وتخريبه، نرى الإماراتيين يسعون إلى خدمة البشرية عامة وليس العرب خاصة، فالمسبار سيكون عين الأمل على المستقبل، والمريخ المشابه في طبيعته لكثير من الصحارى على الكرة الأرضية، مجال علمي رائع يخبرنا من التجارب بما يفيدنا في حياتنا فوق سطح الكوكب الأزرق.

التاريخ يكرر نفسه، العرب ـ الإماراتيون يخدمون البشرية، والعثمانيون يشعلون المعارك.. إذ المعروف أن العديد من علماء بيزنطة الذين وجدوا تسامحاً عربياً كبيراً هربوا إلى أوروبا بعد سيطرة العثمانيين، وأخذوا معهم كتب العلوم التي توصلوا إليها، وبهذا قُدّر للغرب أن ينطلق في دائرة علوم الفلك.

مسبار الأمل يؤكد لنا أن الحضارة الإنسانية تتابع خلاق في أزمنة الفيض الإنساني، حيث يصب كل من لديه إسهام ومشاركة في بئر الحضارة العميقة إن جاز التعبير، وفي وقت العوز والحاجة يمكن للجميع أن يغترفوا منه خدمة لبنيهم وذويهم.

إبداع الإمارات اليوم يذكرنا بترجمات العرب لعلوم اليونانيين وآدابهم إلى العربية، والتي كانت جسراً إلى اللاتينية، ما يعني أنه ما من صراع حضارات ولا تمايز بشر، وإنما إنسانية تتشابك أياديها وتجدف معاً وصولاً إلى بر النجاة أو الغرق، لا سمح الله، معاً أيضاً.

لم يعد للعلم جنسية، ولا هوية، إنما تمضي البشرية في درب انثقاف الثقافات والعلوم، الآداب والخبرات، من عند العرب إلى الآسيويين، ومن الأوربيين إلى الأمريكيين، بشر يشملهم تطلع واحد، وهو كيف يمكن لحياة البشر أن تضحى أنفع وأرفع في الحال والاستقبال.

لمن تجب التهنئة؟ لقيادة الإمارات القابضة على الحلم.. أم للإماراتيين مضرب المثل؟

التهنئة واجبة للبشرية كلها بقيمة مسبار الأمل المضافة.