الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الأمثال.. الثبات والتغير

المثل كما عرّفه العالم النحوي أبوعلي أحمد المرزوقي هو: «جملة من القول مقتضبة في أصلها، أو مرسلة بذاتها تتسم بالقبول وتشتهر بالتداول، فتُنقل عما وردت فيه إلى كل ما يصلح قصده من غير تغيير يلحقها في لفظها».

ولكن، هل كل الأمثال أثبتت صحتها وقبولها اجتماعياً، واستطاعت التعبير بدقة عن أحوال الشعوب وما يعترضها من مواقف وتجارب معاصرة؟ وهل التجديد بقي حِكراً على الشعر وبقية الأجناس الأدبية الشفاهية والمكتوبة، أما الأمثال فلا تستدعي التجديد أو حتى تأكيد بطلان بعضها؟

فعلى سبيل المثال لا الحصر: «اصرف ما في الجيب يأتك ما في الغيب»، هذا المثل بقدر ما يدفع الإنسان إلى التبذير، يجعله فرداً غير مبالٍ، يعيش في الآمال والتمني أكثر من الواقع، ويقابله بالعامية مثل ينقضه تماماً: «الفلس الأبيض لليوم الأسود»، أو «مد رجلك على قدّ لحافك» وهذا ما يستوجب بطلان أحدهما، فحتماً لكل مثل فريق يدافع عنه، بما يتماشى مع مزاجه، ومستوى تفكيره، وطريقته في تصريف معيشته.


الأمثال وما يندرج في منظومتها من حِكم وأقوال مأثورة توارثتها الشعوب واستقتها من عيون موروثها منذ زمن طويل، فقد تبيّن أنها على وجه الخصوص نصوص ثابتة مُحكمة الصنعة أُنتجت في الماضي، وتناقلها شفاهاً ألسنة الناس، والشاهد هنا أن فن الأمثال لم يطرأ عليه أي إضافات تُذكر، وأُبقيت الموسوعة التراثية مُقفلة عن أي إضافة تُغني هذا الفن، وكأن العرب اكتفت بما توارثته منها!


فلم يتقدم حتى اليوم، أحد من العامة الموصوفين اجتماعياً بالحكمة ورجاحة العقل، بتأليف مثل جديد يختزل خلاصة تجربة معاصرة لم تمر بالذاكرة الشعبية القديمة.