الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

المثقف.. هدوء وإزعاج

حاولت البحث عن تعريف محّدد ومتّفق عليه للمثقف، إلا أنني لم أُوفّق في هذه المهمة، حيث إن هناك من يُساوي بينه وبين المفكر، والتعريف الذي استنبطته بعد المطالعة، هو: أن المثقف هو الشخص الذي أوتي حظاً جيداً من المعرفة أو العلم، واكتسب وعياً، سواء كان اجتماعياً أو سياسياً أو غيرهما.

هذا الوعي الذي يمتلكه المثقف نتيجة دراسة أو معرفة، هو السلاح الأهم الذي يمتلكه في طريقه لبناء عالمه الخاص الذي تظهر فيه أفكاره وقناعاته وفلسفته الخاصة التي تُمّيزه عن الآخرين.

ويرى الفيلسوف الإيطالي أنطونيو غراميش: «أن المثقف هو الذي يؤدي بعض الوظائف المحددة في المجتمع»، وبناء على ذلك، فإن عليه واجبات تجاه مجتمعه، وعلى رأسها إبداء رأيه في المسائل التي يرى أنها بحاجة إلى تصحيح أو إعادة نظر، لذلك تجده راضياً عن بعض الأمور وفي الوقت ذاته متذمراً من أخرى، يرى وجوب تصحيحها، فهو أشبه بمن يعيش بين منطقتي الهدوء والإزعاج.


ومن أهم ما يُميّز المثقف هو عدم تسليمه بالبديهيات والمسلّمات التي ورثها من محيطه الذي يعيش فيه، كما أنه يرفض شراء الأفكار المعلّبة الجاهزة التي يُسلّم بها غالبية أفراد مجتمعه.


مما سبق، بمقدورنا القول: إن مبادئ المثقف تجعله أبعد ما يكون عن محاباة المجتمع، الذي يعيش في كنفه ويرفض وصايته، فهو غالباً ما يكون رضاه ليس كاملاً على ما هو شائع وسائد في مجتمعه، لذلك تراه عصيّاً على التسليم والانقياد لكل ما هو مسلّم به من غيره.. إنه مُختلف ومتميز عن الآخرين.