الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

لبنان صاحت: «أخي»

إذا أردنا أن نقيس الأمور ونختبرها فلا بد من معايير، وقد اعتدنا على قياس جودة الذهب وصفائه بالنار، وكذلك جودة الحليب والفحم، وغيرها كثير من المواد الأساسية، كي نتوثّق من أصالتها ونقائها وصفائها. والنار عندما انفجرت في بيروت، شعرنا جميعاً بالألم، وعندما علا صوتها حين صاحت: «أخي»، هبَّ إخوانها هبة واحدة رغم الظروف الصعبة التي يعلمها الجميع، استجابة للنداء وتضميداً للجراح، فلبنان صاحب مكانة وقدر محفوظ في وجدان إخوانها جميعاً، ليؤكدوا في هَبَّتهم أن الذهب لا يملك إلّا خصائص الذهب فالنار في بيروت، كانت اختباراً أثبت مدى ترابط الأخوة وتعاطفهم وتماسكم ولُحمتهم، فهم أبناء جسد واحد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد. طوال الأسبوع الماضي، حالة هلع وحزن وقلق انتابت كل الوطن العربي من أقصاه إلى أقصاه، حكومات وشعوب، تحول في سويعات إلى حراك، فتسابق الجميع لإرسال المساعدات الطبية والإنسانية، أدوية، أطباء، طواقم تمريض، مستشفيات ميدانية، دفاع مدني، تبرعات، لتصلهم في الصباح التالي مباشرة من دولة الإمارات، السعودية، الكويت، العراق، الأردن، مصر، تونس، الجزائر، المغرب، وعديد من هذه الدول استضافت الجرحى والمصابين لمعالجتهم في مشافيها الميدانية، ذلك عدا الأصدقاء من باقي دول العالم. رغم أن حادث تفجيرات بيروت، مصاب جلل، وقد عانى من آثاره الشعب اللبناني أفراداً ومؤسسات وأعمالاً ومصالح، إلّا أننا إذا أردنا النظر للجانب الممتلئ من الكأس فقد حقق هدفاً مهماً، وهو إعادة ثقة العربي في أشقائه العرب، وأثبت أن لبنان وكل دولة عربية هي عضو في جسدٍ واحد، وخاب كل من ظن غير ذلك.