خلال السنوات العشر المقبلة، سوف تتلاقى فروع التكنولوجيا لإحداث نقلة في القطاعات الأساسية كالمعلومات، والطاقة، والغذاء، والنقل، والصحة، وسوف تتسبب التكنولوجيا في تخفيض تكاليف الإنتاج لتصل إلى 10% فقط، وهذا سيرفع من كفاءة الإنتاج، ويقلِّص الحاجة لاستخدام موارد الطبيعة إلى أقل من 10% بالإضافة الى اليد العاملة.هذه الرؤية المستقبلية تم نشرها في تقرير بعنوان «إعادة التفكير في الإنسانية»، والذي يضع خطة عمل تمتد لعشر سنوات تبدأ من 2020، وتهدف إلى الاستعداد لما هو آتٍ بعد عام 2030، حيث يتنبأ التقرير مثلاً بأن الجمع بين تخزين الطاقة الشمسية وتوزيعها من خلال التكنولوجيا الجديدة سينهي احتكار المؤسسات والشركات الحكومية لها، لتصبح في متناول الأفراد الذين سيلجؤون إلى إنتاجها بشكل ذاتي، ولنتذكر أنه منذ 20 عاماً فقط، أثارت فكرة الطاقة البديلة (الشمسية والرياح)، سخرية العديد من الموظفين الحكوميين والمخططين الاستراتيجيين، وذلك لكلفتها العالية، ولكن اليوم تعتبر هذه الطاقة أرخص المصادر لغالبية دول العالم، ومع هذا التحول يجب على الحكومات إنهاء سيطرتها على قطاع توليد الطاقة الكهربائية، حيث بدأت الحكومات الأوروبية منذ 5 سنوات في تشجيع الأفراد على الاستثمار في توليد الطاقة، وتشجع الأفراد على بيع الفائض منها.قطاع النقل سوف يشهد تغييرات مماثلة، حيث أعادت شركات مثل «أوبر» و«ليفت» التفكير في خدمات النقل، وبدأ الأفراد يعيدون التفكير جدياً في أهمية امتلاك السيارة، فكل ما يحتاجون إليه هو اتصال لتكون وسيلة النقل جاهزة لخدمتهم.كذلك التغييرات في قطاع الغذاء تقوده شركات مثل «أمبوسبل فوود» التي تشكل خطراً جدياً على الزراعة وتربية الثروة الحيوانية بشكلها التقليدي، وذلك من خلال طرح ابتكارات غذائية بديلة.سوف تتغير عمليات التشغيل في الشركات والمصانع والمزارع وأنظمة النقل وغيرها، وينصح التقرير بضرورة (مقاومة الرغبة) في حماية الصناعات والهياكل المؤسسية التقليدية القائمة، والتي ستؤدي إلى أنظمة غير تنافسية وسوف تتسبب في خسائر بمليارات الدولارات، والكثير من مديري وقيادات اليوم لن يكونوا متواجدين في تلك الفترة، لذلك يحث التقرير على التركيز على حماية وظائف الناس منذ الآن، عن طريق إعدادهم لوظائف المستقبل، لأنها سوف تؤدي إلى الاستقرار الوظيفي والاجتماعي، بأدوات وطرق وعقليات جديدة وتجنب الثورات الاجتماعية.
العمل والفن.. كيان ثقافي

أكاديمية من سلطنة عمان، متخصصة في سيميائيات اللغة، لها مجموعة من المؤلفات في التراث وسيميائيات النص، تنشر مقالات في مجلات ثقافية عربية متعددة.
16 أغسطس 2020
18:33 م
يعد العمل من أهم النشاطات الحركية التي يتميز بها الإنسان، وتشغل حيِّزاً كبيراً من حياته اليومية، فهو ظاهرة مرتبطة بالنمو الثقافي والحضاري للمجتمعات بوصفها أنشطة إنتاجية ذات بُعد إنساني اجتماعي واقتصادي، ولأنه مرتبط بالإنسان في جوهره، وبالمجتمع في تطوره ونموه، فإنه سيتمثل حالة من الميل التلقائي والارتباط العاطفي، بل والرغبة واللذة عند تحقيق الأهداف.
وعلى الرغم من أن العمل يرتبط في شكله الخارجي بالحاجة الاقتصادية، سواء أكانت بأجور مباشرة أم كانت إنتاجية غير مباشرة (مثل العمل في مزارع الأسرة وعمل المرأة في منزلها وغيرها)، كلها تقوم في الأصل على اعتبارات اجتماعية ثقافية ضمن دوافع وغايات محدَّدة، وهو الأمر الذي يجعل البعض يعتقد أن العمل يبتعد عن الإمتاع والترفيه، والحال أن العمل منذ القدم ارتبط بالعديد من وسائل الإمتاع والمؤانسة، فقد عرفت الأمم العديد من المصادر التي تحدثنا عن الأغاني والأهازيج، بل والأداء الحركي المتقن المرتبط بالأعمال بأنواعها المختلفة.
لقد عرفت منطقة الخليج بشكل خاص كثيراً من تلك الأهازيج والأغاني، التي يدندنها العامل أثناء أداء عمله سواء أكان يعمل منفرداً أو في جماعة، حيث كانت أغاني البحر وفنونه وشلاَّته مرتبطة بالإنسان في المنطقة، فهناك أغانٍ مميزة لكل عمل من أعمال البحر، سواء في سفن الرحلات التجارية أو سفن الصيد، فعُرف فن (الشوباني)، وغناء (التصويت) أو (الصوت البحري) في سلطنة عُمان التي تسخدم الإيقاع لضبط الغناء وتوحيد القوة في العمل العضلي الذي يقومون به، بالإضافة إلى شحذ الهمة والعمل بحماسة وغبطة، ما يُسهِّل على الصيادين رحلتهم الشاقة.
كما أن هناك العديد من الفنون الشعبية والشلاَّت المرتبطة بالمهن الزراعية والرعي، من ذلك (غناء التبسيل)، و(غناء الجداد)، و(غناء الجازرة)، و(غناء التصييف)، و(غناء الحرث) وغيرها، التي تمثل كلٌّ منها مرحلة مهنية معينة في الزراعة، بالإضافة إلى فنون البادية كـ(تغرود البوش)، و(تغرود الخيل) وغيرها، وكل تلك الفنون في ارتباطها بالعمل تعكس حالة الإمتاع والرضا النفسي التي يظهر بها العامل في هذه المهن، وبالتالي قدرته على تحقيق أهدافه.
إن التراث الثقافي الغنائي المرتبط بالعمل يقدم حالة من النشاط الحركي والقولي الترفيهي، الذي يجعل من العمل طاقة إنتاجية اجتماعية وثقافية قبل أن تكون اقتصادية، كونه يوازن بين الطابع الترفيهي وقوة الإلزام العملية.. إنه فكر الثقافة المجتمعية التي تجعل العمل جزءاً عاطفيّاً مرتبطاً بالفرد وكيانه.
وعلى الرغم من أن العمل يرتبط في شكله الخارجي بالحاجة الاقتصادية، سواء أكانت بأجور مباشرة أم كانت إنتاجية غير مباشرة (مثل العمل في مزارع الأسرة وعمل المرأة في منزلها وغيرها)، كلها تقوم في الأصل على اعتبارات اجتماعية ثقافية ضمن دوافع وغايات محدَّدة، وهو الأمر الذي يجعل البعض يعتقد أن العمل يبتعد عن الإمتاع والترفيه، والحال أن العمل منذ القدم ارتبط بالعديد من وسائل الإمتاع والمؤانسة، فقد عرفت الأمم العديد من المصادر التي تحدثنا عن الأغاني والأهازيج، بل والأداء الحركي المتقن المرتبط بالأعمال بأنواعها المختلفة.
لقد عرفت منطقة الخليج بشكل خاص كثيراً من تلك الأهازيج والأغاني، التي يدندنها العامل أثناء أداء عمله سواء أكان يعمل منفرداً أو في جماعة، حيث كانت أغاني البحر وفنونه وشلاَّته مرتبطة بالإنسان في المنطقة، فهناك أغانٍ مميزة لكل عمل من أعمال البحر، سواء في سفن الرحلات التجارية أو سفن الصيد، فعُرف فن (الشوباني)، وغناء (التصويت) أو (الصوت البحري) في سلطنة عُمان التي تسخدم الإيقاع لضبط الغناء وتوحيد القوة في العمل العضلي الذي يقومون به، بالإضافة إلى شحذ الهمة والعمل بحماسة وغبطة، ما يُسهِّل على الصيادين رحلتهم الشاقة.
فرح سالم
منذ يومين
صالح البيضاني
منذ يومين
كما أن هناك العديد من الفنون الشعبية والشلاَّت المرتبطة بالمهن الزراعية والرعي، من ذلك (غناء التبسيل)، و(غناء الجداد)، و(غناء الجازرة)، و(غناء التصييف)، و(غناء الحرث) وغيرها، التي تمثل كلٌّ منها مرحلة مهنية معينة في الزراعة، بالإضافة إلى فنون البادية كـ(تغرود البوش)، و(تغرود الخيل) وغيرها، وكل تلك الفنون في ارتباطها بالعمل تعكس حالة الإمتاع والرضا النفسي التي يظهر بها العامل في هذه المهن، وبالتالي قدرته على تحقيق أهدافه.
إن التراث الثقافي الغنائي المرتبط بالعمل يقدم حالة من النشاط الحركي والقولي الترفيهي، الذي يجعل من العمل طاقة إنتاجية اجتماعية وثقافية قبل أن تكون اقتصادية، كونه يوازن بين الطابع الترفيهي وقوة الإلزام العملية.. إنه فكر الثقافة المجتمعية التي تجعل العمل جزءاً عاطفيّاً مرتبطاً بالفرد وكيانه.
الأخبار ذات الصلة
لبنى الهاشمي
منذ يومين
عبدالله المهيري
منذ يومين
فرح سالم
19 يناير 2021
محمد جاسم
19 يناير 2021
عز الدين الكلاوي
19 يناير 2021
جاسب عبد المجيد
18 يناير 2021
فرح سالم
17 يناير 2021
عماد أحمد العالم
17 يناير 2021
سارة مطر
17 يناير 2021
د. عبد العزيز المسلم
17 يناير 2021
د. مجيب الرحمن
17 يناير 2021
فاطمة اللامي
17 يناير 2021