الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

شعوب بعقد «الكاتش 22»

بينما كان ينشأ بعض الصغار في بقاع من العالم على مفاهيم الحب والثقة والتعلم والإبداع، يقابلهم أولئك الذين كبروا وفي داخلهم براكين تنتظر لحظة الانفجار.. مملوئين بالضعف والخوف والغضب، متشتتة أفكارهم بين التطرف والإحساس بالظلم الواقع عليهم وعقدة النقص، فلجأ بعضهم إلى تعويض ذلك بالبحث عن ذواتهم سواء في أوطانهم أو بالتغرب.

وآخرون استسلموا للانكفاء واللطم والإحساس بتقصير أو تخلي المحيط عنهم.. وهناك من الجماعات الذين تجمعهم أفكار متناغمة واحدة مبطنة بعقدة النقص وعقدة الاستعلاء محاطين بنظرية «المؤامرة»، تجدهم يرون كل فعل سياسي واجتماعي وراءه مقاصد تستهدفهم وأمنهم وأوطانهم، فيبثون سموم أفكارهم علناً عبر كل الوسائل المتاحة لتستشعر من كلامهم حقداً دفيناً آن له أن يطفو على السطح متلبساً بوشاح «المظلومية العربية».

ديدن هؤلاء الذين تحول لديهم الإحساس الأولي بالنقص منذ الصغر إلى إحساس ثانوي أكثر عمقاً في مرحلة البلوغ، ليُعرف كما وصفه الطبيب النمساوي ألفرد أدلر بـ«كاتش 22»، وهي راوية لجوزيف هيلر؛ لا يختلفون عن ديدن المؤدلجين دينياً، كجماعة الإخوان المسلمين والأقليات الدينية والعرقية الذين يعززون من فكرة «الضحية».


وكم من نخب سارت على النهج ذاته حاملة على أكتافها المظلومية العربية بلغة بكائية لجلب التعاطف وتشويه الحقائق، ليتنافس مع التوجه الواضح لمؤسسات الدولة الوطنية.. هؤلاء تغذوا على المستضعفين من أصحاب الوعي المنخفض فخلقوا قطعاناً أصبحوا أوراقاً سياسية قابلة للتوظيف لخدمة أجندات أجنبية عديدة، ولنا فيما نشهده هذه الأيام مع إعلان معاهدة السلام التاريخية بين الإمارات وإسرائيل من إثباتات عديدة حول أولئك الذين كذبوا الأغراض الحقيقية والشفافة لهذه الخطوة، باثين سموهم لإحداث ضجيج سيختفي مع الوقت كما اختفى غيره.