الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

ذهنية الممكن

«المشكلة ليست في المستحيل الذي نتمناه، ولكن في الممكن الذي ضيعناه»، مقولة عميقة قرأتها للدكتور عبدالكريم بكار، يمكنها أن تلخص أسباب حالة التيه التي يحياها أغلب البشر، وفيها أيضاً الجواب على السؤال الذي يتردد دائماً: كيف أنجح، أو كيف أتغير للأفضل؟

إن الوقت الذي نضيعه في تمني المستحيل أو الجري خلف المثاليات، لن يجدي نفعاً، بل هو هدر لأثمن ما نملك، ولعل أحدنا يمضي على أحلامه العشرة والعشرون سنة دون أن يتقدم نحوها قيد أنملة، وكل عذره أن الظروف لا تواتيه، وقد يتمثل بقول المتنبي:

وإذا كانت النفوس كِباراً تعبَتْ في مرادها الأجسامُ.


ولكنها - في الحقيقة - مجرد أعذار نتستر بها على حالة الفشل التي تلازمنا، ثم إن عقلية القفز إلى المستحيل تتناقض مع السنن الكونية والتوجيهات الربانية التي تدعو بكل وضوح لاتباع عقلية الممكن، فنحن مأمورون بأن نتقي الله ما استطعنا، وأن أفضل الأعمال أدومها وإن قلت، وأن نتقي النار ولو بشق تمرة، وأن نتصدق ولو بابتسامة صادقة، فاللقمة الكبيرة يغص بها حلق آكلها وقد تقتله.


من خلال مسيرتي العملية أكاد أجزم أن أغلب حالات الاكتئاب التي تنتاب البشر مردها إلى الشعور بالعجز عن تحقيق شيء ذي جدوى، لأننا نعرف «ذا الجدوى» بالإنجازات العظيمة والنتائج الهائلة.

لم أجد حلاً أسهل وأسرع من التركيز على أهداف قليلة، والبدء فوراً بخطوات صغيرة، والاستمرار دون الالتفات إلى ضغط الوقت أو المقارنة بالآخرين، والذي أضمنه لكم من خلال هذه الوصفة هو الانشغال بالعمل عن الوساوس، والشعور بالرضا عن النفس بالإنجازات الصغيرة، وترك أثر ينتفع به العالم.