الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

هواية الكذب.. الشهرة والفتنة

جاء في صحيح الصحيحين أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما زال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما زال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً».

ففي هذا الحديث ينبه النبي الكريم إلى خطورة تقَصُد الكذب وتحريه، وهذا طبع بعض البشر في أيامنا خاصة، فهذه النوعية على أتم الاستعداد لاختلاق الأكاذيب من أجل الشهرة والوصول إلى أكبر عدد من المتابعين، وليكونوا على ألسنة الناس في مواقع التواصل الاجتماعي، فإن كانت الشهرة تتحقق باختلاق قصة موت بعض القرابة بفيروس خطير فما المانع من ذلك عندهم؟ فالشهرة متحققة وتم إصابة الهدف بدقة! وإن كانت هذه الكذبات القبيحة ستسبب أضراراً على المجتمع فلا مجال للحديث عن القيم والمبادئ في مثل هذه الظروف فبريق الشهرة أعمى عيونهم.

وبعضهم قد يَحبُك قصة يصعب اكتشافها لقلة من يدقق في كلامهم وأكاذيبهم، فيزعم أنه حصل على أرقى الشهادات من جامعة مرموقة في أمريكا أو كندا أو أي دولة أخرى، بعيدة عن تفكير الناس نوعاً ما، ثم يزعم أنه كرم من أعظم الجهات العالمية التي تكرم المبدعين، ثم يذكر حروفاً مختصرة لجهة غير موجودة على أرض الواقع أو جهة تجارية بحتة تمنح الشهادات لمن يدفع أكثر، فهذه الجهات التجارية على دراية تامة بنفسيات هؤلاء الكذابين فسوقهم نافقة وتجارتهم رائجة وقائمة على صناعة الكذب.


إن هذه الشخصيات موجودة في مجتمعات كثيرة، وهي فعلا شخصيّات مريضة جداً، مريضة بداء ضعف الإيمان، فالإيمان الضعيف هو أساس هذه الهواية، ومريضة أيضاً بعُقد نفسية تبحث من خلالها عن الشهرة بأي ثمن، لذلك على المجتمع أن يكون واعياً، فلا تنطلي عليه هذه الحيل الباردة، وصاحب العلم والمعرفة لا يحتاج لأن يمدح نفسه في كل مجلس فعلمه يتحدث عنه.


ومن جانب آخر، علينا أن نكون أكثر وعياً، فهذه النوعيات المريضة قد تجند من قبل دول معادية لإثارة الفتن، فبعض السذج قد يصدقون الكذابين ويصعب عليهم جداً أن يقتنعوا بالحقيقة بعد ذلك، والمسألة قد تكون في ظاهرها قصة كذاب يبحث عن الشهرة والمال وأمور أخرى، وقد تكون في باطنها عملية قذرة من دولة معادية أو جماعة متطرفة.