الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

الكنز.. والمغزى

قبل أيام انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي مقطع لرجل صيني ورث عن أبيه صندوقا، واستغرقه أياماً لفتح الأقفال حتى وصل للكنز، وهو مجموعة من السبائك الذهبية، كان شغف المتابعين كبيرا للوصول لنتيجة مرضية وهي الكنز الذهبي، ولطالما كثر في تراثنا العربي قصص مماثلة لنهايتها مغزى، فلا أنسى تلك الأجواء التي كنا نجلس فيها حول جدتي محدقين إليها وهي تقص حكاياها كل ليلة، ومن ثم تتسرب لأحلامنا.

لعل «الخيميائي» للروائي البرازيلي باولو كويلو والتي تعد من روائع الأدب العالمي احتلت حيزا كبيرا على رفوف المكتبات العربية بخاصة أن لها نكهة عربية أشار لها عدد من النقاد والباحثين، وهي تتحدث عن راع أندلسي خاض غمار رحلة طويلة باحثا عن الكنز المدفون قرب الأهرامات في مصر، كانت رحلته محفوفة بالقصص والعبر والدروس والمصاعب التي لم تثنه عن إكمال رحلته والمغامرة، إلى أن اقتنع أنه لم يكن يبحث عن كنز مادي، بل كان المغزى من الرحلة البحث عن أسطورته الشخصية، ثم «فاطمة» الحب الكبير والشريكة لحياته.

بالنسبة لي شخصيا كانت رواية كويلو فارقا في حياتي، في وقت كنت عزمت فيه قبل ما يزيد عن 10 أعوام على التغيير والتفكر والتأمل، وكنت أشرت لهذه الرواية ورواية أخرى «طعام.. صلاة.. حب» لإيليزابيث غيلبريت التي دونت فيها ما اكتشفته في رحلتها حول العالم بعد قرار الهروب من المعاناة وخوض غمار البحث عن الذات، وقد صنفت روايتها آنذاك على قائمة النيويورك تايمز الرواية الأكثر مبيعا.


في الروايتين يظهر البطل أو البطلة وهو يبحث عن ضالته، عن كنز ما يظنه ماديا وما يلبث أن يكتشف أنه كان يبحث عن ذاته وقيمته الحقيقية، حيث يتعلم من خلالها فن الصبر والبحث والحكمة أيضا، وتعد الخيميائي مليئة بعبارات الحكمة التي اشتهر بها باولو كويلو والتي أحفظ معظمها ولعل أهمها «إذا رغبت في شيء فإن العالم كله يطاوعك في تحقيق رغباتك»، وهي الحكمة التي أتمنى من جيل اليوم التزود بها، كي يكون مشوارهم في الحياة ذا مغزى ومليئا بالأمل والنضال من أجل تحقيق مرادهم فرحة الوصول تعادل لذة النجاح، لذلك هم خاسرون أولئك الذين يحصلون على الثروات دون جهد لأنها سرعان ما ستضيع من أيديهم، لأنهم لم يتكبدوا عناء البحث ومتعة المغامرة.