الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

التجريب والانضباط

المتابع لفرق الفئات العمرية في الأندية المحلية يعرف جيداً حماس اللاعبين الشباب وتوقهم إلى تمثيل الفريق الأول، لذا يسعون بكل قوة لتحقيق هذا الهدف، لكن قلة منهم يواصلون رحلتهم، في حين يستسلم الآخرون بعد أن تُرهق الرياح أجنحتهم فتحيلهم إلى التقاعد أو الظل مبكراً.

بعض اللاعبين الشباب لا يسعون إلى تطوير مهاراتهم ويقتنعون بما وصلوا إليه، أو بعبارة أدق لا يشكلون هوياتهم الفنية الخاصة، فيتحولون إلى رقم عادي في الفريق، وليس رقماً مميزاً يصعب الاستغناء عنه.

اللاعبون في الفئات العمرية لا يحصلون على إرشادات فنية كافية تعينهم على تحسين تدريباتهم ولياقاتهم الذهنية، كما أنهم لا يجدون من يساعدهم على التخلص من نقاط الضعف ومن المعوقات التي تحرمهم من تشكيل هوية فنية مميزة وليست عادية.

يقدم مدربو وإداريو فرق الفئات العمرية النصح للاعبين الشباب خلال التدريبات والمباريات بصورة تقليدية، أي لمعالجة مشاكل وقتية، لكن لا وجود لخطط كفيلة بصناعة موهوبين مميزين، كما أن اللاعبين أنفسهم يكتفون بالوحدات التدريبية العادية التي لا تضيف لمواهبهم الكثير.

المشكلة الأخرى، أن الأجهزة الفنية في المراحل العمرية تركز على تحسين اللياقة البدنية وتهمل «الذهنية» والمهارات الفنية للاعب، كما أن المدربين يصرون على تنفيذ توجيهاتهم حرفياً ولا يسمحون للاعبين الواعدين بتجربة «فنونهم الخاصة» فيقتلون في دواخلهم الإبداع ويحرمونهم من أي فرصة للتجريب للخروج من دائرة التقليدية إلى الفضاء الإبداعي.

إن تجريب اللاعبين الشباب لمهارات خاصة خلال التدريبات والمباريات لا يعني الخروج عن النص أو عدم الانضباط، فكرة القدم ليست معادلة كيميائية، بل لعبة تعتمد على الفن والخلق والابتكار.

على الأجهزة الفنية أن تغير أساليب تعاملها مع اللاعبين وتمنحهم حرية التجريب حتى وإن أدى هذا الأمر إلى خسارة بطولات، لأن صناعة نجم مميز أهم من تحقيق لقب لفريق يلعب في مسابقات المراحل السنية.

منح حرية مدروسة ومحسوبة للاعب الصغير فيه فوائد كثيرة له وللفريق والكرة الإماراتية، وحرمانه من فرصة الابتكار يعد قتلاً مبكراً لمواهبه، فالتجريب لا يتعارض مع مبدأ الانضباط.