الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

إتيكيت السوشيال ميديا

تكون في أمان الله، تستهل يومك بالمرور على أصدقائك الحقيقيين، الافتراضيين والمفترضين، فلا تسمع زقزقة عصافير تويتر، بل نعيق غربان يزعق عليها صياح ديكة!، تنأى بنفسك وتلوذ بصفحات (فيسبوك) فترى وجوهاً تعرفها اسماً ولا تعرف عنها سوى ما سمحت هي بمعرفته، تقلب الصفحات فتشغلك تعليقات المنشورات عن مرامي أصحابها الأصليين من ذوي النوايا الحسنة.

سأكتفي بهاتين المنصتين، مع احترامي لإنستغرام وسواه من المنصات، لكن مما يستحق التوقف عنده أن تلك المنصات خالفت الترجمة الحرفية لكونها (بلاتفورمز)، فهي ما عادت بأيدي المغرضين والعابثين منبراً لإبداء الرأي أو نافذة للتعبير عن المواقف أو المشاعر، بقدر ما أصبحت بالفعل منصة لإطلاق أشبه ما يكون بالسخام والسهام، لا بل وبالصواريخ الباليستية (ذاتية الدفع) المحملة برؤوس محشوة بمواد كيماوية أو بيولوجية (الكراهية أخطر منها)، وإن كانت تندرج تحت لائحة أسلحة الدمار الشامل!

قرأت العديد من المؤلفات عن الإعلام الجديد، لن أخوض في الكم المرعب من الأخبار الزائفة، ولا في الاستباحة التي تسمح لكل من هب ودب بالخوض ليس فقط بالشأن العام، وإنما في أكثر الخصوصيات حساسية للدول والمؤسسات والأسر والأفراد، ما يجعل المتابع يضرب كفاً بكفٍ على ما ضاع من آداب التعامل مع الآخر (الإتيكيت)، الذي يرى باحثون أن العرب هم من أرسى قواعده قبل قرون من نسبه إلى أوروبا.


ما عدنا للأسف خير خلف لسلف يؤمن بأن «الخلاف لا يفسد للود قضية»، ضاعت القضية تحت وطأة سوء النية، يختلفون مثلاً حول انضمام صربيا وكوسوفو لمسيرة «اتفاقات إبراهيم»، فلا يسمحون بخلاف ولا باختلاف.


قد أكون محظوظاً بالتعامل مع منابر أخرى لتوضيح وجهة نظري، والرد بالحسنى على من يخالفني أو يختلف معي في تلك القضية أو غيرها، لكن من غير المقبول السكوت عن هذا الكم من التحريض الذي ينضح فيه إناء منصات «التناحر» الاجتماعي.

شخصياً تتدرج استجابتي لمن يسيء، من التجاهل، فالشطب، فالحظر، فالتبليغ.. فآخر العلاج الكي! التبليغ ليس للفيسبوك، وإنما إن لزم الأمر، لجهات إنفاذ القانون، فالساكت عن الحق شيطان أخرس.

قد لا تكون قوانين مكافحة الجرائم الإلكترونية في الشرق الأوسط على المستوى المطلوب، قياساً بأمريكا مثلاً، لكن أياً من أولئك المتطاولين، خاصة المبتذلين، لا يجرأ على فتح حنكه فيما لو كانت إساءته بحق شخص أو جهة في الديمقراطية ذات المخالب والأنياب الجزائية، حقاً من أمن العقوبة أساء الأدب.