الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الفعل الإلهي.. واكتشاف العالم

يقول الله ــ سبحانه وتعالى ــ في الآية رقم 164، من سورة البقرة: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}، وهذه الآية الشريفة، ومثيلاتها من الآيات الكريمات، تدل بوضوح على أن الظواهر الكونية لها نسبة إلى الله وحده، وأنها تنبئنا عنه، وأن النظر فيها يأتي استجابة للأمر الإلهي بالتفكر في الخليقة، والذي نقرؤه في قوله تعالى في الآية رقم 20 من سورة العنكبوت: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِير}.

ليس هناك شك في أننا بمعرفتنا لله الخالق، سنعرف أننا لسنا كلنا سوى مخلوقات يتوقف وجودها بالكلية على الفعل الإلهي؛ فهو سبحانه الذي أوجد المخلوقات من عدم، وهو سبحانه الذي يجدد الخلق على الدوام، والكل وإن كان في علمه موجوداً، لكن ظهورهم مع مختلف الأشياء الكونية لا يمكن أن يكون بطريقة ميكانيكية بشرية، بل يخلقها سبحانه، وفق انتظامات مقدسة، لا يمكن أن يعرف سرها الأكبر إلا هو سبحانه وتعالى.

إن التأمل بعمق في الكون، وفي عظمة خالقه سبحانه وتعالى، سينتج عنه القناعة والثقة بأن هذا الكون الشاسع ليس سوى مرتبة من مراتب الخلق، وأن هذا الخلق هو أكبر بكثير مما نتصور، وأن العلم طريقنا للوصول إلى اكتشاف العالم، وأن التفكر في العالم، سيوصلنا إلى هذا الإقرار بنتيجة ما ذكره الحق تعالى في قوله تعالى في الآيتين رقم 190 ورقم 191 من سورة آل عمران: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ* الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار}، وأن هذا (غير الباطل) هو الذي أتاح وسيتيح للإنسان أن يعبد الله من أجل معرفة آياته في العالم الدنيوي، مع انتظار معرفة آياته في العالم الأخروي.