الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

ثقافة غريبة.. وواقع افتراضي

كنت قبل أيام في مناسبة خاصة لبعض المعارف، فحضر رجل للمجلس وأراد المعانقة عند السلام، فبينت له أن الاحتياط طيب في ظل جائحة كورونا، فأجابني قائلاً: هذا كله كذب! وذكر لي أحد الكرام أن سائقاً عنده لا يصدق أبداً وجود جائحة اسمها كورونا، فقال لي صاحبي: قد تتمكن من إقناع الجدار ولكن إقناع هذا السائق بوجود المرض أساساً أمر مستحيل.

وهذا النمط من التفكير جزء من ثقافة غريبة جداً موجودة عند بعض الناس، فهو على أتم الاستعداد بأن يصدق كل شيء أو يكذب الأمور الواضحة بسبب مقطع وصله عن طريق واتساب، وإذا اجتهد في البحث عن المعلومة كتب في «غوغل» أول طرف منها، فإذا خرجت له النتيجة صدقها مباشرة، وكأن الموجود في هذا العالم الافتراضي حق لا يقبل النقاش، وما سواه فكذب وخداع ومؤامرة، والأدهى من هذا كله إن تصور أنه أوتي ذكاء عظيماً، فهو يدرك ما لا يدركه غيره، فالناس في غفلة وهو الذي اكتشف الحقائق المغيبة عنهم!

وهذه بلية عظيمة، وما ذكرته عن تكذيب بعضهم بجائحة كورونا من أصلها جزء من هذه الثقافة الغريبة الموجودة عند بعضهم، وقد تتطور المسألة فتصبح هذه الثقافة الغريبة أداة بيد دول وجماعات تدعم التطرف والإرهاب.

ومن أوضح الأمثلة على ذلك نشاط قناة الجزيرة لتلويث عقول الناس في مختلف دول العالم، حتىّ أصبح بعض الدول في القائمة السوداء عند شريحة كبيرة من الناس بسبب سعي هذه القناة لتشويه صور قادة هذه الدول بكل طريقة ممكنة، فكذب الناس عيونهم وصدقوا قناة تخدم توجهات التطرف والإرهاب.

وقد تتعمد قناة الجزيرة وغيرها استقطاب رموز للأفكار المنحرفة تعرف كيف تؤثر على العامة من خلال منطقها المعسول وكلامها المنمق، فيبدأ العامة بالتصديق، وتشحن الشعوب على قادتها، فالكل سيء إلا قادة قطر وتركيا ومن يخدم توجه جماعة الإخوان، فهذه الحيلة وغيرها تنطلي بسهولة كبيرة على بعض البسطاء، إذن الوعي مطلوب، ومن غير المقبول تصديق كل شيء في العالم الافتراضي، والواجب على الجهات الرسمية عظيم جداً في مختلف المجالات.

.