الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

إجلال التسميات الأنثويّة

في لغتنا العربية غِنى وجمال يُطرب الذوّاقة، وفي اتساع المعنى وامتثاله للسياقات المختلفة مرونة تكشف عن قدرة لغتنا على التجاوب مع التطوير والتجديد، وعلى الإحاطة المبتكَرة وفق مجريات العصر، فكانت أداة تواصل متواصلة مع الأزمنة، ومحطة للفهم والتفهّم مع المختلف.

ولهذا فإن لجوامع الكلِم مناجم شدّت إليها رحال قوافل الغرب قبل الشرق، وألقت تعاويذ سحرها على الثقافات الأخرى، وخرجت من أتونها مفردات، مهما تغرّبت، فإن بوصلتها ستبقى تشير إلى الشرق.

لكن اللغة تحمل في جوفها مفاهيم جديدة، كما تحمل المرأة في جوفها الخلق الجديد، وهذا ليس التباساً واشتباهاً بل تماثلاً وتشابهاً، وليست محاولة لهيمنة أنثوية بل محاولة لتذكّر الأصل والاعتراف به، رغم «أن العارف لا يُعرّف»، كما قال السياسي هشام بن محيي الدين ناظر رحمه الله، والواضح لا يستلزم التوضيح، لكنها التذكرة وفق ما تقتضيه الحال.


إسهامات المرأة ملحوظة في مجالات شتّى، ودخولها معترك العمل بشغف لا يقل عن شغف الرجل واجتهاده، لكن ما تزال تسميات المناصب محافظة على ذكوريتها، فالمديرة مدير، والرئيسة رئيس، والقائدة قائد، وغيرها من التسميات التي لا تلتفت إلى جنس المرأة، بل وقلّما يلتفت أحد إلى انحراف اللفظ والمعنى.


ولذا بدأت مؤخراً، في الندوات التي أديرها، بتأنيث المناصب لو شغلتها امرأة، وتذكيرها لو شغلها رجل، وهذا حق وواجب تجاه اللغة والمرأة، وليس تفضّلاً ومنحة.

ولعل من الأمور اللافتة في سلطنة عُمان الشقيقة، العودة إلى أصل التسميات في تاريخنا العربي، فالنساء في عمان يونّثن ألقابهن إن لحقت بأسمائهن مباشرة، فاللقب الذي يعود إلى الأنثى، حق عليه أن يزهو بالأنوثة.