الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

المستشار.. والمصالح العابرة

أن تكون موضع ثقة المسؤول ليس بالأمر الهيّن ولا بالسهل بلوغه، والأصعب منه أن تحافظ على تلك المكانة دون أن تهتز أو تسقط من عينه، لكن ماذا لو كان هذا المسؤول بوزن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه؟

ذكر الشعبي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لي أبي‏:‏ «أرى هذا الرجل - يعني عمر - يستفهمك ويقدمك على الأكابر من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وإني موصيك بخلال أربع‏:‏ لا تفشين له سراً، ولا يجربن عليك كذباً، ولا تطوِ عنه نصيحة، ولا تغتابن عنده أحداً‏».‏

جمع العباس في هذه الوصية بين كفاءة المستشار وقدراته العلمية والعقلية والتحليلية من جهة وبين مصداقيته ونزاهته السلوكية من جهة أخرى، فقد يبلغ الموظف درجة المستشار لدى دائرته بكفاءته ومؤهلاته، لكن بقاءه في تلك المكانة مرهون بسلوكه وصفاته الأخلاقية، ثم إن أهمية هذه الوصية تكمن في خطورة الأدوار التي يقوم بها المستشار، والذي يعتبر صانعاً للقرارات التي يتخذها المسؤول، وسبباً رئيسياً في التوفيق الذي يحرزه أو المصائب التي يأتي بها.


كم هو رائع أن يحرص المسؤول على اختيار مستشاريه وفقاً لتلك المواصفات العالية، والأروع أن يستشعر المستشار ثقل تلك الأمانة ويحرص على أدائها دون أن يفشي سراً، أو يكذب في حديث أو يغش في نصيحة أو أن يستغل مكانه من سمع المسؤول وقلبه بغيبة الناس والكيد لهم، مع العلم أن التزام تلك الصفات سيوغِر صدور البعض وقد يفقد المستشار وظيفته، لكنه بالتأكيد سيظل محتفظاً بسمعته الطيبة ومصداقيته التي لم تلوثها المصالح العابرة.