السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

تأملات في التغيير والثبات

«من شبّ على شيء شاب عليه».. عبارة تشير إلى ثبات عادات الناس المُلازمة لهم منذ الصغر، حيث يصبح تبدّلها أو اختفاؤها مستحيلاً، وهي تُستخدم في الحالتين الحميدة والذميمة، ولهذا حين تنتشر خصلة ما، أو مجموعة خصال، لدى جيل تشرّبها واعتاد عليها، ومن ثَمّ تصبح علامة تميّزه، وقد يصيب الجيل الذي يليه بشيء منها، بهدف إبقاء جذوة هذه العادات مشتعلة.

لكننا كثيراً ما نغفل أن العادات تتأثر بعوامل كالبيئة المحيطة والحقبة الزمنية، بما تحمله من حزمة تيارات وتحديات فكرية وثقافية ونفسية، وبالتالي فإن ما نعتقد أنه ثابت (أي العادات والتوجهات) يستند إلى شيء متغير (البيئة والزمن).

ولعلّ الحكمة تقتضي، لأجل جيل المستقبل، أن نفكّر في جدوى بعض العادات والتوجهات، ليس في إطار البيئة التي تُحيط بنا وحدنا، ولا الزمن الذي يعبر بنا فقط، بل بالمعنى العالمي لكليهما.


وهذا لا يعني التخلي عن بصمتنا الروحية، ولا عن كينونتنا وهويتنا، بقدر ما يعني التخلي عن محاولة فرض ما نعتقد أنه مناسب لهم. فلا الزمن المقبل زماننا، ولا التحديات نحن من سيواجهها، وبهذا سيكون من الأجدى، استعراض كافة الخيارات المتاحة والممكنة ووضعها في متناول أيديهم، بعد تمكينهم بشكل قوي وراسخ، فكرياً وثقافياً، ليستطيعوا وحدهم اتخاذ قراراتهم، فهم وحدهم مسؤولون عنها.


والتغيير، إذن ضروري كما الثبات، والقدرة على الجمع بينهما في الوقت والمكان المُناسبين، دون الإخلال ببصمتنا الروحية هي المهارة التي يُفترض اكتسابها في زمن لا يتحدّث لغة القوة الناعمة وحدها، ولا القوة الصلبة وحدها، بل القوة الذكية التي تتطلب القراءة الواعية لمعطيات اليوم والغد.