السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

ترسيخ ثقافة الادِّخار

لا يوجد مصرف، في عموم إمارات الدولة، يتصل بعملائه، لأجل إغرائهم بعرض ادخاري، كما لا توجد خدمة مصرفيّة إلكترونية، تتزامن مع نزول رواتب الموظفين، تنصحهم بضرورة التوفير، فالمعهود من المصارف هو تقديم تسهيلات الاقتراض، وبخاصة قبيل موسم الإجازات والسفر، والأعياد، بل وصلت إغراءات بعض المصارف، لتشجيع الأفراد للحصول على القرض البنكي وفق تسهيلات مغرية، كعدم حاجة تحويل للحساب المصرفي للعميل، والنسبة المنخفضة للفوائد.

فمن أسباب ارتفاع القروض البنكية للمواطنين، العروض المغريّة، ولو استعرضنا الغايات التي يقترض لأجلها معظم المقترضين، ستنحصر في الكماليات وليس لدواعٍ قصوى، أو الأساسية المهمة، فقد كشفت بيانات صادرة عن المصرف المركزي أن البنوك العاملة في الدولة، ونظراً لتداعيات كورونا، خفّضت إقراض الأفراد بقيمة 6.1 مليار درهم خلال شهري أبريل ومايو الماضيين، في وقت رفعت فيه تمويلاتها للمشروعات الحكومية بحدود 9.2 مليار درهم.

المفارقة العجيبة، أن الناس، وبالرغم من الرواتب الجيدة، لا يزال الكثير منهم يشتكي من عدم كفايته وتغطيته لمتطلباتهم الحياتية، وتبخره قبل انقضاء الشهر، وحتى أن الجائحة لم تستطع كبح النهم الشرائي الاجتماعي مع ازدهار التجارة والتبضع الإلكترونيين، فتجد هناك من يلجأ للاقتراض.

أما المفارقة الأخرى، أن قبل 30 عاماً، كانت المعاشات ليست كما الآن، وتكاد قضايا الاقتراض والمديُونيَّات أن تكون شبه معدومة في المجتمع الإماراتي، ومحصورة على نطاق الشركات وليس الأفراد، لنتساءل: كيف كان الناس يُصرّفون شؤون حياتهم من الألف إلى الياء بلا قروض استهلاكية؟

دائماً وأبداً، أُعوّل على المرأة في مسائل الادخار، لأنني أُؤمن بالمرأة المدبّرة، فالمرأة إن كانت تجيد تصريف شؤون بيتها المالية، ستجد العائلة مكتفية وسعيدة، وإن كانت لا تمتلك مهارة الترشيد والإنفاق في ميزانية الأسرة، ستجد الزوج مهموماً، وربما مديناً، فالمرأة الحكيمة هي من تستطيع أن تُؤسس قواعد ومبادئ الادخار على المستوى العائلي، وترشد زوجها إليه، كطريقة مثاليَّة لتأمين العائلة ماديّاً على المدى البعيد.

الادخار، تربية أيضاً، سلوك يتشبَّعه الأبناء من خلال آبائهم، ومن ثم ينقلوها لأبنائهم فيما بعد، وبهذا التداول يمكن أن يصبح الادخار ثقافة راسخة في المجتمع.