الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

أَبَشَرٌ خارقون؟

هل يعقل أن نشاهد خلال السنوات المقبلة تغييراً جذرياً في التطور التكنولوجي ليدخل مرحلة التدخل بالجنس البشري وتحسين قدراته أو إكسابه مهارات وقدرات نجدها اليوم خارقة؟!.. صحيح أن البعض يرى في هذه الشرائح ثورة حقيقية وفرصة كبيرة للتطور، إلا أنها في المقابل تشكل تهديداً كبيراً للجنس البشري ومستقبل إنسانيته.

تشير الدراسات إلى أنه خلال الـ30 سنة المقبلة سينقسم البشر إلى نصفين، نصف ذو قدرات خارقة تم زرع شرائح داخل أجسادهم، و فيها سيتم دمج الخلية الإلكترونية بالخلية الحيوية لتزيدها قوة، والنصف الآخر لا يتمتعون بهذه القدرات لعدم قبولهم دخول أجسام غريبة داخل أجسامهم، ولكن مع مرور الوقت سيقبل الجميع بهذا التطور، ويكتسب الشرعية المجتمعية، ويتم قبوله تدريجياً حتى يصبح الأمر عادياً، وربما التخوف من هذه التكنولوجيا لكونها تعدياً على جسم الإنسان وإنسانيته، وفي المقابل المميزات التي ستضيفها هذه الشرائح ستسهل شرعيتها وقبولها لدى المجتمع.

قبل أسابيع أعلن «إيلون ماسك» عن أحدث تطورات شركته «نيورالينك» والتي طورت شريحة تزرع داخل الدماغ البشري ويمكن ربطها بالكمبيوتر والتحكم بها من خلاله، ورغم أن المشوار طويل أمام إيلون ماسك وأمام جميع الطامحين بتطوير هذه التكنولوجيا للحصول على الموافقات الحكومية لتجربة هذه الشرائح واستخدامها بشكل فعلي، إلا أن هذا التطور مقبل، بل وسنشهد كثيراً من التطورات والتحديثات في المستقبل القريب، وستتصارع الشركات العالمية للوصول للنموذج الأمثل لهذه الشرائح.

المشكلة ليست في الشرائح ولا بطريقة زرعها، ولكن المشكلة تكمن بالقدرة على التحكم فيها، فمن يملك هذه التكنولوجيا سيكون قادراً على التحكم بمستخدميها حتى وإن كان التحكم غير مباشر، حيث سيكون التحكم عن طريق التأثير بعقولهم وتصرفاتهم ورغباتهم، ولكم أن تتخيلوا ما الذي يمكننا فعله بهذه الشرائح من معالجة الآثار السلبية لجنود وضحايا النزاعات وبنفس الوقت يمكننا إنشاء جيوش يتم برمجتها لخدمة أصحاب هذه الاختراعات، ويمكننا أيضاً علاج بعض أمراض السمع والبصر، وبنفس الوقت يمكن استغلالها لمراقبة البشر واقتحام خصوصيتهم.

ويمكننا كذلك استخدامها لتحسين قدرات البشر على الحفظ وتعلم اللغات، وبنفس الوقت يمكننا توجيههم واستعمالهم للتصويت لصالح أحزاب أو قرارات معينة.

هذه فقط إشارة لمستقبل تكنولوجيا الشرائح البشرية فهي سلاح ذو حدين، وتبقى المعضلة الأهم في كيفية تنظيم استخدامها للأغراض السلمية والطبية.. فهل سيستطيع العالم تنظيمها؟.. هنا تكمن جميع المخاوف!