السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

التقادم التكنولوجي المخطط

كيف نعلم أن رمضان اقترب، أو أي موعد مهم؟ ليس برؤية رزنامة التواريخ فهذا ما يفعله الناس الطيبون، ولكن عليك أن تنظر إلى المؤشرات (غير المباشرة)، فإذا شاهدت القنوات الفضائية تبدأ بإنزال إعلانات مسلسلات رمضان فمعناها، أن الشهر الفضيل على الأبواب، وإذا بدأت إعلانات الشماغ وزيت الطبخ والفيمتو، فاعلم أنك ستصوم بعد أيام معدودة.

تقوم بعض شركات الهواتف الشهيرة بعمل اجتماعها العالمي مرة في السنة من أجل تقديم منتجاتها الجديدة، وإذا كنت من الناس التي لا تعلم متى موعد الاجتماع السنوي، فلا تقلق يكفي أن تلاحظ هاتفك من هذه الشركة بدءاً من (مستوى أدائه)، الذي ينخفض وبطاريته التي تضعف وأحياناً يتعطل الهاتف نفسه، فلتعلم أن موعد الاجتماع السنوي (اقترب)، وستطالبك الشركة باستخدام التحديث الجديد، وشراء المنتج المحدث، ولو كان عادياً ولا جديد فيه غير (اللون والكاميرا)، والقليل من التجديدات التي سبقتهم لها شركات أخرى، ولكنك تدفع (مبلغاً قدره) من أجل الحصول على الهاتف الأحدث (لتتفشخر) أمام أصدقائك وزملائك به.

من ناحية أخرى، خرجت علينا سياسة إنتاجية في الصناعات الاستهلاكية اسمها «التقادم المخطَّط»، ومعناها تقليل العمر الافتراضي للمنتج بعد فترة زمنية من عمله من أجل الاستفادة من إصلاحه أو شراء النسخة الجديدة منه، وهذه السياسة تدر مبالغ ضخمة لهذه الشركات.


وأصبح المستهلك مضطراً للتخلص من بعض الهواتف الذكية بسبب عدم دعمها برمجياً بنظام التحيين، وشركتا «أبل» و«سامسونغ» واجهتا اتهامات باتباعهما سياسة «التقادم المخطط» عند تصميم منتجاتهما الرقمية، حيث قامت السلطات الإيطالية بفرض غرامة مقدارها 10 ملايين يورو على «أبل»، و5 ملايين يورو على «سامسونغ»، بسبب هذه السياسة، وتواجه «أبل» اتهامات جنائية في فرنسا.


نحن نشاهد ونتابع محاولة المؤسسات الرسمية الغربية وهي تستميت في الدفاع عن حقوق مستهلكيها وبيئتهم من جشع وتسيد سلطة الشركات على الأسواق والمجتمعات، وتقوم دول مثل فرنسا وألمانيا وسنغافورة برفع قضايا على الشركات بسبب (التقادم المخطط)، وتوافق الشركات على التسوية (خارج المحاكم)، لأنها تعلم أن هذه الدول تحترم حقوق المستهلكين، وتحترم القوانين البيئية، وهذا جزء من ثقافتهم.. طيب شو أخبار ثقافتنا؟