الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

خطورة موت الشعور

في الماضي، وعبر كل العصور والأزمنة، كانت الجرائم تحدث، البعض منها ينكشف، والبعض يظل طي الكتمان، لكن حتى تلك التي تنكشف، يظل كثير من تفاصيلها البشعة محجوباً عن عامة الناس، ولا يطلع عليها إلا المعنيون بالتحقيق والطب الشرعي، وغيرهم من أهل الاختصاص.

لكن مع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي وشيوع استخدامها، خرجت كل التفاصيل إلى العلن، وانكسرت حواجز الخصوصية، وأصبحت كل الأمور مشاعة للجميع، ما يصلح للعرض منها، وما لا يصلح.

فُجعنا قبل أيام، كما فُجع العالم بأكمله بمنظر الطفل الأردني، وهو مبتور اليدين ومفقوء العين، يجلس على أحد أرصفة مدينة الزرقاء الأردنية صابراً محتسباً يطلب النجدة، ولسان حاله يقول: «كيف سأكمل حياتي، وأنا بهذه الحال؟».


خروج هذا المشهد الفظيع إلى العلن، أسهم في تشكيل ردة فعل إنسانية غاضبة جداً تجاه الجريمة، أدت بدورها إلى سرعة التفاعل مع الموقف، والقبض على الجناة، وتهيئة الجو العام لإنزال أقسى العقوبات بحقهم، وهذا هو الجانب الإيجابي من الصورة، ذلك أن كثيراً من الجرائم تمّ التهاون بشأنها، لأن تفاصيلها البشعة لم يطلع عليها إلا قلة من الناس.


لكن من المهم أيضاً أن نعيد للنفوس هدوءها وسكينتها، وألا نسمح لها بالاعتياد على رؤية الفظائع والمآسي، لأن الاعتياد على الشيء، يجعل منه أمراً عادياً بمرور الوقت، وهو أمر بالغ الخطورة، لأنه يؤدي إلى موت الشعور داخل الإنسان، ومتى ما حدث ذلك، أصبح الإنسان مهيئاً لتقبل وتمرير كل شيء.