الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

غابت المعايير فاختفت القيم

عندما تغيب المعايير تسقط القيم وتضيع الحقيقة ويصبح كل ما هو سلبي جيد والخطأ صواب، في حياتنا اليومية ومن خلال تجاربنا الواقعية وخلفياتنا الميدانية وأعرافنا المتينة، تعلمنا أن هناك قاعدة ثابتة لكل عمل جيد مع وجود بعض الحالات الاستثنائية، التي لا يمكن اعتمادها كقاعدة للنجاح حتى وإن كانت نتائجها إيجابية، ولكن اللافت في الموضوع أن الأمور أصبحت معكوسة في واقعنا الرياضي، حيث أصبحت القاعدة خطأ والاستثناء هو الصواب، وبناء عليها اختلط الحابل بالنابل ولم يعد هناك مجال للتفريق بين ما هو منطقي ومبني على الأسس والمعايير، وبين ما هو باطل لكنه محط إعجاب والمهم الغالبية العظمى، وما بين الخيال والوهم الذي بات يسيطر على واقع رياضتنا، ضاعت الحقيقة وانعدمت الموضوعية التي يبدو أنها خرجت دون أن تعود.

في واقع رياضتنا الجديد ليس بالغريب أن يأتي حكم مغمور ليقيم حكام النخبة ويوجهم ويشرح لهم أخطاءهم، وهو الذي لم يسبق له إدارة مباراة واحدة في دوري المحترفين، لكن إعلامنا صنع منه خبيراً في مجال التحكيم بين ليلة وضحاها، في واقعنا الرياضي الجديد لا غرابة من تواجد أشباه المحللين في القنوات الرياضية، وهم يتحدثون بلغة الخبراء ويسمحون لأنفسهم بتقييم كبار المدربين ممن يفوقونهم خبرة ودراية، ولا يجب أن نستغرب عندما يرتدي بعض المحللين عباءة السماسرة على الهواء مباشرة، ليتحول معها التحليل الفني لأداء المدربين واللاعبين لتحقيق أهداف شخصية، الهدف منه المكسب المادي لا الفني لأن الأخير (ما يأكل عيش)، أما أولئك الذين لبسوا عباءة الإعلام وأصبحوا إعلاميين لمجرد أنهم نشطوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأطلقوا لأنفسهم العنان لتقييم أداء الأندية والمدربين، فإن ذلك يمثل تجسيداً للعبارة الشهيرة بأن مهنة الإعلام أصبحت بالفعل مهنة لمن لا مهنة له.

في الكثير من المناسبات نتحدث بلغة التفاؤل ونحاول تجاهل الواقع ونغض النظر عن مواجهة الحقيقة، على أمل أن تنقشع الغيوم الركامية التي تخيم على سماء رياضتنا ولكن دون جدوى للأسف الشديد.


كلمة أخيرة


رياضتنا تنازلت عن أعرافها وتخلت عن قيمها وابتعدت عن مسارها بفعل فاعل، لأن أصحاب القرار الرياضي تنازلوا عن القيم وتخلوا عن المعايير.