الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

الوعي.. التجرّد والواقع

تجتهد الأنظمة والمؤسسات في رفع مستوى الوعي لدى أفراد المجتمع، لكن من المهم تقديم صور الوعي ضمن سياقات وأُطر واقعية لا أفكار مجرّدة، يمكن أن تكون فضفاضة إلى درجة يسهل استغلالها من خصوم منتمين إلى الثقافة نفسها، أو من ثقافات أخرى، لخدمة أغراض تضرّ المصلحة العامة.

فاستخدام أفكار واضحة ضمن سياقات مضطربة، سيخدم الأهواء الشخصية، إذ سيصبح الوعي حاضراً في الفكرة والتجريد النظري، لكنه قد يغيب في الواقع العملي المضطرب.

الحاجة إلى وعي شمولي لا يقل أهمية عن الوعي بالمثل والقيم العليا، وهذا يعني أننا حين نقدّم أنفسنا للآخر من ثقافة مختلفة، علينا ألا نكتفي بتحديد القيم والجوانب المشتركة فحسب، بل، أيضاً، تفصيلها تفصيلاً دقيقاً في سياق كلتا الثقافتين ضمن الأهداف المشتركة، لأن تطبيقات القيم ستتفاوت بدرجات مختلفة هنا وهناك، وبين تلك الدرجات، قد تنكشف إشكالات عدة تبدو بديهية وبسيطة، لكنها، إن حدثت، ستخلّف أضراراً أكبر مما نتصور، والسبب يكمن في اختلاف سُبل التطبيق، لا القيمة أو الهدف نفسه.


من المهم أن يبقى الفرد متيقظاً على الدوام لهذه الاختلالات، لكنها للأسف غالباً ما تكون مستترة ومبطّنة، وهذا لأن الفرد يتعامل مع قيم مجرّدة ذات تطبيقات مغايرة للسياق الذي في ذهنه، وبالتالي فإن من يتحمّل مسؤولية تعزيز قيمة ما، سيجد نفسه مسؤولاً لا محالة عن غربلة الطبقات الشائكة والمعقّدة وابتكار حلول ناجعة وعملية لكل منها، وهذا عبء سيقع على عاتق المؤسسات، لتجتهد أكثر في التحليل المتأني والتقييم المتواصل عبر اقترابها من شرائح المجتمع، ومعرفة السياقات المتداولة على المستوى الشعبي.