الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

قد يحدث متأخراً

في حسابات الحياة، هناك أخذ وعطاء، هناك عطاء بنبل وأخذ بشكر وامتنان، وبالمقابل هناك من لا يذكر ما أخذ، وهناك من يعتقد، ومع مرور الوقت، أن الذي اعتاد العطاء، أن هذا واجبه أو مجبر عليه إلى ما لانهاية!

في حكاية جحود الإنسان لأخيه الإنسان، ما يدمي القلب، وما يعجز عنه اللسان، قد يكون جحود ونكران الغرباء أمراً متوقعاً، ولكن، حينما يكون الجحود من الأقربين، يصبح للخذلان طعم آخر.

حينما تعمى القلوب، وتغبش البصيرة بغلالة الأنانية، لا يعود كل ما تقدمه في نظر الآخر ذا قيمة، أو تقدير، وحينما يطفح بك الكيل وتهذي بوجعك كالممسوس، وتضطر لمواجهة مع أحد الجاحدين بك، أقل، أو أغبى ما يمكن أن يرد به عليك هو: «ماذا قدمت لي؟ ماذا أعطيتني؟!».

ففي منظور الجاحد، الحاقد، الأناني، إن العطاء يُختصر في شقّه المادي، ويتناسى تعبك، ربما حتى من قبل أن يصبح له رأس في التعداد البشري!

هل مرّ على أحد، لحظة، كلحظة أن يصرخ فيها من قاع روحه: «أريد عمري»؟! وهل مرت بك لحظة، وددتَ لو أنك تقضم قلبك، ندماً على ما بذلت، وأسفاً عليك؟!

قمة الغبن، أن يستعيد المرء وعيه العاطفي، ويجد نفسه خالي الوفاض حتى من كلمة مواساة، أو تقدير، ممن أفنيت عمرك ليس في خدمتهم وحسب، بل في صبرك على عدم مبالاتهم، حينما تكون في أشد حالاتك احتياجاً إليهم.. تدور أنت في دوامتك.. تدور.. ولا تدري بأي جدار تضرب رأسك يأساً، في اللحظات التي كانوا فيها يركبون صهوة غيّهم.. يلاحقون شهواتهم، وأنت تلوي على خيباتك، ترتشف نسغ وجعك!

فمن الظلم، والإجحاف، ألا نقتطع لذواتنا «مساحة» نستظل بها بعيداً عن ماراثون الاستنزاف، ومن اللاعدل أن نعطي وكأننا مجبرون، ومن الغباء جداً، حينما نعتقد بأن كل شيء لا يستقيم، إن نحن رفعنا مسؤوليتنا المبالغة عنه، لأنه حتماً، سيكمل دورته في فصله الجديد، بدوننا، وربما أفضل مما نتوقع، وكأننا لم نكن يوماً!