الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

جماعات الوصاية.. والإنسان البدائي

يظن البعض أن العلل النفسية تصيب الفرد فقط، ولا يمكن أن تصيب مجتمعاً بأكمله.. لكن الكثير من الفرضيات العلمية والمشاهدات الواقعية تدحض هذا الاعتقاد، وتؤكد إمكانية إصابة المجتمعات بالعلل نفسها التي تصيب الأفراد، فيصح أن نقول حينها إن المجتمع الفلاني مريض، مثلما نقول إن الشخص الفلاني مريض.

يذهب سيغموند فرويد إلى أن الإنسان البدائي أكثر سعادة من الإنسان المتحضر، ليس لأن حياته أسهل وأكثر رفاهية، بل لأنه يملك قراره، ويعيش حياته كما يرغب أن يعيش، وليس كما يرغب محيطه الاجتماعي أن يعيش.

الرابط بين العلل النفسية الجمعية وفرضية فرويد أن المجتمعات تمرض وتفقد حيويتها حينما تبرز فيها جماعات الوصاية بمختلف أنواعها.. سواءً كانت هذه الوصاية فكرية أو دينية أو اجتماعية.. فالإنسان مجبول على الحرية، ومتى ما تزايدت القيود عليه شعر بالضيق وانخفض مؤشر سعادته.


ومن يتأمل المشهد الثقافي في الخليج عموماً في فترة السبعينيات، يرى أمامه مجموعة فريدة من الأعمال الإبداعية، ما كانت لتظهر لولا حالة المرونة التي اتسم بها المجتمع الخليجي آنذاك، وتقبله للأطروحات الجديدة، مهما بلغت في جرأتها واختلافها.. ومع بروز جماعات الوصاية في مطلع الثمانينيات تغير كل شيء، وعدنا سنوات طويلة إلى الوراء.


من وجهة نظري، لا يمكن أن يسترد المجتمع الخليجي صحته النفسية إلا بتنشيط الحركة الإبداعية، والحد من تسلط جماعات الوصاية على الوسط الثقافي، وعلى المجتمع بشكلٍ عام.. وهذا الكلام يُنزل أيضاً على المجتمع العربي ككل، وإن كان بدرجة أقل.