الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

الصديق.. حضن آمن

قد لا يكون لك أخ بيولوجي، لكن، يمكن أن تُرزق بصديق من رحم الحياة، ويكون لك أقرب ربما من أخيك.. دائماً ما تكتب صديقتي في حساباتها الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، حينما تريد أن تحتفي بأصدقائها، كتعبير على امتنانها لوجودهم في حياتها، عبارة دائماً ما تجري على لسانها، وكأنها بيت شعر تحبه: الأصدقاء وطن آخر، نعم، وقد يكون أحدهم حضناً آمِناً، يضمك.. يحتويك، وإن تباعدت بينكما المسافات!

حضن دافئ، تلجأ إليه، كلما اشتد بك صقيع الأرواح التي حولك، أوأصابتك ناب أحدهم في مقتل، وهممت أن تشرع بنوبة بكاء، علّك تغتسل من رجسهم، وبقايا آثامهم بك، ولكنك تذهب بكل وجعك لصديق، ليس كبقية الأصدقاء، يضمّك، يلملم تشظّيك، يردم فوهة روحك النازفة، فتستكين حالما يسكب فيك صوته، فتطيب مواجعك، وتتطاير كبقايا رماد في موقد!. في هذا الزمان، قد تبدو مسألة العثور على صديق صدوق، أثير، أمراً شبه مستحيل، بسبب أمراض العصر الأخلاقية، كتسيّد القيم المادية على مجمل القيم الإنسانية، واستحواذ مباهج الحياة ومغرياتها على المشاعر الإنسانية، مما أفسح المجال على شيوع الحسد، والأنانية، واشتغال النفس الأمّارة بالسوء، والبغضاء بين الناس، ولكن، من يفتقد الحب حتماً سيبحث عن الحب، وسيجده، وبالقدر الذي اعتاد على أن يمنحه للآخرين، فليس من نواميس الحياة أن تجني غير ما تحصد، وليس من نواميسها أن تعطي ولا تأخذ، وإن تأخر موسم الحصاد، سيحين موعد الجني، وإن أعطيت لمن لا يستحق، فسيكافئك الله على ما أعطيت في وقت تكون أحوَج ما يكون لرد العطاء.

فحينما يعطيك الله مِنحاً بشرية على هيئة أصدقاء، فثق بأن الله يحبك، لأنه يعلم أنك ستمر بلحظات تكون أشد ما يمكن لحاجة إلى كتف تتكئ عليها، أو لصدر حنون تستودعه وجعك، تستشعر فيه أمانك الأمومي ولا تخشى الاستغراق في هشاشتك!، وكأن الله يهيئ لنا بدائل كلما ضاقت بنا الحياة. الصداقة لها في نفسي شيء عظيم، حتى إني إذا توجعت صرخت ملء قلبي وفمي: صديقتي؛ عوضاً عن أخ!