الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

نحن من تحولنا إلى سلع

نحن الغارقون في شظايا البرامج الاجتماعية، وجعلنا منها هروباً من حيواتنا إلى حيوات الآخرين، نتطفل على عوالمهم، ونحاول أن نكتشف مدى التشابه الذي من الممكن أن يحدث بيننا وبينهم، أحياناً نصبهم باللعنات الخفية، وأن نظهر أمام الآخرين بأننا لا يمكن أن نكون مثلهم، وبداخلنا حزن هزيل أن هؤلاء الذين نركض لنتعرف أكثر على ما يفعلونه بشكل علني، لا يمكن أن نعيش تجاربهم المأخوذة بسحر الصوفيين.

في المطار أحمل كتاباً اشتريته من معرض الكتاب، ألتهم الصفحات كدودة كتب، أرفع رأسي أتطلع تجاه المسافرين، واكتشف ألا أحد يحمل كتاباً سواي، شعرت بالحزن أننا رغماً عنا سرقنا مشاهير البرامج الاجتماعية من أن يكون لدينا وقت لنقرأ، من صفحات الكتب التي تملأ رفوف مكتباتنا، ولكن لا أحد يتجرأ الآن ليقرأ، شيء ما يموت بداخلك وأنت توزع نظراتك تجاه المكتبة الصغيرة في المطار، ولا تجد أحداً واقفاً أو نصف أحد ليتصفح الكتب الموجودة ويختار كتاباً لكي يشاركك متعة التشكيل العقلي، الجميع دون استثناء مأخوذون بكل ما يأتي من جهاز الجوال، ذريعتهم في الهروب من مأزق حياتهم وتأمل ما يقوم به المشاهير، ومطالعتهم مع إعلاناتهم التي لا تتوقف، والأمل الذي يعيشون فيه من أجل دفع المتابعين للتخلص من أموالهم لشراء حاجيات لا يحتاجون إليها، لكنها تغدق بالأموال لهم، لذا، تجدهم يلحون على متابعيهم بشراء الصابون الذي يجعلك وسيماً وبهياً، وغسالة الملابس التي لن تجد مثلها في حياتك، والعصير الذي تشربه لكنه لن يزيد من وزنك، والآخرون يتابعون كل هذه الفقرات ويستلذون بما يعرض، لا أحد منهم يحثك على توفير نقودك، أو شراء كتاب.. كل ما هنالك أنك تُمثِّل بالنسبة لهم سلعة.