الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

«اتحاد علماء المسلمين».. خطر على تونس

لا يمكن اعتبار المطالبات بغلق الفرع التونسي للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، مجرد خصومة بين الحزب الدستوري الحر وحركة النهضة، فالقضية أكثر عمقاً من ذلك التسطيح المخل، ذلك أن المطالبة بحل هذا الفرع، لم تصدر فقط عن الحزب الدستوري الحر، إنما صدرت نداءات من المرصد الوطني لمدنية الدولة، الذي اعتبر أن حل الفرع من شأنه أن يسهم في التوقي من انتشار العنف والإرهاب، وصدرت أيضاً من المركز الدولي للحوار حول الحضارات والأديان والتعايش السلمي، الذي وجّه نداء إلى مصالح الدولة بفتح تحقيقات بخصوص الفرع والقائمين عليه والتقصي حول أنشطتهم ومصادر تمويلاتهم.

تأسَّس فرع تونس في أبريل عام 2012، أثناء فترة حكم الترويكا التي كانت تقودها حركة النهضة في تلك الفترة الموسومة بتصاعد المد الدعوي، وبارتفاع منسوب حركات التسفير ودعوات الجهاد، وبانتشار الخيمات الدعوية وبانفلات المساجد.

الصلات التي تجمع حركة النهضة بالفرع التونسي للاتحاد أكثر من وطيدة، وتكفي الإشارة إلى أن المدير التنفيذي للفرع التونسي هو عبدالمجيد النجار، عضو مجلس شورى النهضة، والنائب السابق بالمجلس الوطني التأسيسي عن حركة النهضة.


تتخذ الدعوة إلى حل الفرع التونسي للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وجاهتها من خطورة هذا الفرع على أمن تونس، التي اكتوت من ضربات إرهابية متكررة، وتخوض صراعاً مريراً من أجل محاصرة الخلايا الإرهابية النائمة التي تتغذى فكرياً من مدونة يروج لها الاتحاد الذي ينظم دورات «للتكوين والتأهيل الشرعي» بمقابل مالي زهيد، ما يطرح أسئلة كثيرة عن مصادر تمويل الفرع وميزانيته الضخمة.


ليس في الدعوة إلى غلق فرع اتحاد القرضاوي (كما يسمى في تونس) أي دوافع إقصائية أو استئصالية، كما يروج لذلك الإخوان، بل هو إنقاذ لتونس من براثن منظمة صنفتها دول عربية كثيرة بأنها إرهابية، منذ عام 2017، ولكنها تجد في تونس الدعم السياسي، مثلما تلقى من قطر الدعم المالي.

ويمكن قراءة خطورة الفرع أيضاً، من خلال استماتة حركة النهضة في الدفاع عن وجوده، ولا نظن أن ذلك الدفاع المستميت مجاني أو من أجل الذود عن حق التونسيين في المعرفة، وإنما لأن المشروع يخدم أهدافاً بعيدة للنهضة، تتكئ على التعليم الموازي، وعلى العمل الخيري، وعلى المنظمات التي تتلقى دعماً خارجياً خيالياً.

بهذا المعنى يصبح القطع مع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وغلق مقره، مطلباً شعبيّاً لا يقل أهمية عن غيره من المطالب، بل هو في صميم الأمن القومي لتونس وجوارها.