الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

تحديات لقاح كورونا

إن سرعة انتشار كورونا لا يضاهيها إلا سرعة الجهود المبذولة لإنتاج لقاح له، واليوم توجد عشرات الشركات التي تُجري اختبارات سريرية أولى للقاحاتها، ومنها شركات وصلت إلى المرحلة النهائية التي تُعنى بالأمن والفعَّالية، وعلى رأس هذه الجهود تأتي شركتا ‹‹فايزر›› الأمريكية و‹‹بيونتك›› الألمانية، اللتان حققتا نتائج تبشر بنسبة أمان وفعالية تصل إلى 94 %، لتبقى بعد ذلك مرحلة الترخيص والاعتراف الدولي، وفي بريطانيا تتسارع جهود جامعة أكسفورد وشركة ‹‹أسترازينيكا ›› لإنتاج لقاح وُصِف أيضًا بأنه فعال وآمن ويُتوقع أن تنتهي مرحلته النهائية في ديسمبر المقبل، وأعلنت شركة ‹‹موديرنا›› الأمريكية أيضًا قرب الانتهاء من تجارب لقاحها.

والشيء المذهل أنه إذا كان ديسمبر 2019 بداية لظهور الداء، فإن ديسمبر 2020 سيكون موعدا لإنتاج لقاحات له، فقد تمكن العلماء من تطوير هذه اللقاحات في وقت قياسي، رغم أن منظمة الصحة العالمية كانت قد استبعدت اكتشاف لقاح قبل سنوات، اعتمادا على تاريخ صناعة اللقاحات التي عادة ما تستغرق سنوات.

لكن تطوير لقاحات لكورونا وإنتاجها بكميات كافية لحماية البشر ليس نهاية القصة، فلا تزال أمامنا تحديات كثيرة قبل وصوله إلى الجميع، أو على الأقل إلى 60 أو 70 % من سكان كل دولة؛ أي النسبة التي تخلق ما يُعرف بـ‹‹المناعة الاجتماعية››، وتتمثل هذه التحديات في وسائل لوجستية مثل حفظه في درجة حرارة تقل عن 70 أو 80 درجة مئوية تحت الصفر، كما هي حال لقاح «فايزر»، وهو ما لم يتوفر في الدول الفقيرة؛ ولكن لحسن الحظ أن لقاحي جامعة أكسفورد و‹‹موديرنا›› لا يحتاجان إلى درجة برودة عالية.


وتحتاج تعبئة اللقاح إلى مليارات القوارير الزجاجية، بالإضافة إلى آلاف الطائرات العملاقة لنقله إلى دول العالم، ثم يحتاج بعد ذلك إلى عدد هائل من السيارات والدراجات النارية لنقله داخل الدول.


وقبل ذلك كله يحتاج توفير اللقاح للفقراء مجانا أو بأسعار منخفضة إلى تعاون دولي، حتى لا يحتكره الأغنياء، وهناك تساؤلات حول اللقاح ومدة حمايته للإنسان، هل هي سنة أم سنتان أم أنها حماية مدى الحياة، وهل ستكون بجرعة واحدة أم أكثر، وهل الأشخاص المحصَّنين ينقلون العدوى للآخرين؟، فتلك تساؤلات لن تتسن الإجابة عنها إلا بعد شهور أو سنوات.