الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

من يشتري الفرح؟

الفرح إحساس جميل لا تستقيم الحياة بدونه ولا تطمئن القلوب إِلَّا به ولا تهدأ إلا معه، فبالفرح تبتهج الأرواح وتنطلق في مسارات السعادة والهناء اللامتناهية، وقد يشقى الآباء والأمهات في سبيل إيجاد ما يفرح أبناءهم، وقد يدفع الناس المال الكثير من أجل لحظة فرح وحيدة.

كم هم الذين ودّعوا الفرح فودّعتهم الحياة بطمأنينتها وبهائها ورونقها الجميل، وكم من تعس حزين أقبل على الحياة وابتهج بها لأنه وجد طريقا للفرح، ذلك الطريق أنار له حياته وأجلى الحزن عنه وأغلق عنه باب التعاسة.

الشاهد أنه منذ سنين لا أحصيها تنتشر في العالم موجات الكآبة والحزن والرعب على أنها صرعة من صرعات الحياة العصرية، تلك الموجات تظهر في السلوك وفي الرسومات والصور وحتى في ألعاب الأطفال، ومنذ انتشارها وهي تؤسس لسلوك غريب في المجتمع، سلوك الاستسلام للمناظر القبيحة والأشكال المقززة التي تنفر منها القلوب السليمة، بل وحتى للقذارات النتنة، باعتبارها نمطا جديدا من التسلية والمتعة.


ثقافة القبح والفوضى التي انتشرت مع انتشار العبثية في الفن، وهي مدارس عديدة خرجت من الوجودية والعدمية، نشرت نمطا غريبا من قبول القبح على أنه نوع جديد من الجمال، تلك الموجة للأسف كان لها تأثير بالغ على الأطفال الذين أصبحوا لا يخافون شيئا ولا ترعبهم صور الدم وصور الأسنان البارزة والجروح البليغة ومناظر القتل وجز الرقاب وقطع الأيدي والأرجل، على العكس هم يستهزئون بتلك المناظر ويرونها (مضحكة) وكأنها أصبحت مناظر اعتيادية.


من يشتري الفرح هذه الأيام وتلك الصورة القاتمة للطفولة والفن تنشر سوادها على العالم، فالفرح سلوك أصبح غريبا هذه الأيام، فما عاد له ذلك الوهج وتلك البهجة التي تبحث عنها القلوب المتعبة.

الفرح وجه السعادة في الحياة ودرب الطمأنينة للقلوب، فبدون الفرح لا تستقيم الحياة الطبيعية، ولا يستوي الجمال، فكم من جميل بدا قبيحا لأنه خالف دروب السعادة وسكن بيوت الحزن والقبح، الفرح واجهة إيجابية لكل عمل وعلاقة وطريق ولا يمكن النجاح بدونه.