الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

لماذا يحبون مارادونا؟

شخصيا، لست من عشاق كرة القدم على الإطلاق، ولست مهتمة بصعود أي نجم كروي في الشرق أو الغرب، وكثيرا ما يبدو جهلي المطبق غريبا أمام الغالبية المهتمة برياضة كرة القدم، أثناء الحديث عن الدوري الإسباني والأوروبي، وأثناء النقاش حول «ميسي» أو «محمد صلاح»، فأنا بكل صراحة لا أعرف عنهم شيئا، لكن ردة الفعل العالمية تجاه وفاة أسطورة كرة القدم ديغو مارادونا، كانت بالنسبة لي حدثا مدهشا!

كنت صغيرة جدا وأنا أسمع اسم مارادونا يتألق كالشهاب، وكنت كذلك، لا أهتم بكرة القدم البتة، كان عصرا منغلقا لا وسائل تواصل منفتحة فيه، لكن مارادونا تمكن من أن يفرض اسمه على كل الكرة الأرضية، ثم بدأت أزمة مارادونا مع إدمان المخدرات، وكانت حدثا يتجاوز في انتشاره قصص الحروب، وطوال تلك السنوات لم يغب حضور مارادونا أو يتأثر، كان يظهر بين فترة وأخرى، وكان يستقبل ظهوره بحفاوة وترحيب، كل هذا كان يبلغني وأنا أبعد ما يكون عن متابعة أي حدث رياضي.

يوم وفاته بكته الكرة الأرضية جمعاء في مرثية يحسد عليها، وتناقل عشاقه صورا كثيره له، وتبادلوا مقولات مأثورة تنسب إليه، وسردوا مواقف سياسية ويسارية وإنسانية قام بها، ولا أظن أن هذه الإضافات لها علاقة بالشعبية التي حظي به مارادونا، فبالتأكيد أن الغالبية الغفيرة من محبيه لا تعنيهم كل تلك القضايا، كان مارادونا هو الذي يجذبهم، وهو الذي يهيمن عليهم، كانوا يحبون كرة القدم ويحبون مارادونا الذي تميز عبرها، ولكنه لم يكن كأي لاعب متميز آخر، وإن كان أسطورة كروية.


مارادونا منح عشاق كرة القدم السعادة والمتعة لا أكثر، لم يكن بالدرجة الأولى صاحب أفكار، أو زعيما لجماعة أو تيار، ولا خاض معركة فكرية أو اجتماعية، أو دخل في سجال لأجل قضية سياسية أو اجتماعية محلية أو عالمية، لا أذكر أني سمعت أنه انخرط بعد اعتزاله في الأعمال الخيرية، أو المنظمات الإنسانية، كان لاعبا محترفا يمتلك أداءه الخاص وشخصيته المتفردة، كان يمتلك مفاتيحه الخاصة لقلوب محبي كرة القدم.


الحب البالغ الذي ظهر مع خبر وفاة مارادونا يبين كم هو رائع أن يحبك الآخرون لأجل لا شيء سوى أنك مصدر بهجة ومتعة لهم، إنها معادلة صعبة وقد تكون مستحيلة أحيانا، إنها تحريك لركن إنساني قابع في الأعماق البشرية يسهل تشويشه ويصعب التأثير عليه، إنه تحقيق الأسطورة التي لا تتكرر مرتين في زمن واحد،