الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

الابتكار والتطوير.. وما بينهما

تكمنُ قوة الأمم بمدى مرونتها في تخطّي العقبات، وفي تطوير الوضع القائم، فقد تعجز أو تتعثّر أحياناً حين يخلق التغيير حالة إرباكٍ غير مسبوقة، لكنها بعد ذلك تصبح أقوى وأكثر صلابة. فهي مستمرة في ابتكار الحلول والمخارج حتى تصل إلى الطرق التي تعينها على التغيير وتعتاد عليه.

وبقدر ما يوحي الابتكار بالمرونة والانفتاح، فإنه يشير كذلك إلى مرونة التفكير قبل كل شيء، فالعقل المرن وحده قادر على الابتكار لأنه منفتح على احتمالات أكثر من المتوقع، ولأن له عين على التفاصيل الموجودة في المحيط، فتلتقطها لتشكّل لوحة «كولاج» لا تشبه أي لوحة أخرى، فالعناصر تختلف باختلاف عقل المبتكر.

الابتكار إذن، يعني إيجاد حالة أو شيء لم يكن موجوداً باستخدام عناصر موجودة. لكن تكرار استخدام مجموعة العناصر ذاتها إلى حد الإنهاك مع إجراء تغيير طفيف على عنصر واحد لن يكون ابتكاراً بالشكل الذي نتطلّع إليه، بل حالة ضوء عابر ما يلبث أن يبهت، لذا فإن الاستهانة بالمفهوم أو إساءة استخدامه قد يُفضي إلى ترسيخ صورة غير صحيحة عنه.


لكن على خلاف الابتكار، يستوعب التطوير تكرار التجارب الناجحة. كما أن له ألواناً ومسارات متنوعة وإن صبّت جميعها في نفس البحر، فهو في صيغته المثلى بعيد عن المزاحمة بمساراته الرحبة، وكما يتباطأ التطوير في حيز الاستئثار والاحتكار، فإنه ينشط في حيز التنوع والاختلاف. وبالتالي، فإن العِبرة لا تكمن في تكديس صور غير مكتملة للتطوير، بقدر الامتثال إلى الدور الأساسي واستيفاء الدرجات اللونية المطلوبة أولاً ليكون التطوير حقيقياً. هنا فقط ستصبح الألوان مشبّعة في مساراتها، والفائدة عامة على تنوعها، وشمسها أشد سطوعاً وأبلغ تأثيراً.