الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الملل.. الإيجابيون أنجع دواء

أغلبنا يحب تغيير طبيعة حياته ومساراتها بين فترة وأخرى، وكثيرون منا يزعجهم التغيير لأسباب مختلفة، منها أنه يضطرهم لتعلم أشياء جديدة، أو تسيير أمورهم بأسلوب يختلف عما سبقه، وأياً كانت الميول والاتجاهات فإن طبيعة الحياة التي لا تخلو من المفاجآت والطوارئ، التي قد تتغير وتتقلب، ما يخلق أحياناً ظروفاً وإيقاعاً يسبب الملل، وعلى الرغم من أن الملل من الحالات النفسية والعاطفية العابرة والمعتادة في الحياة، إلا أنها تستدعي إدراك كيفية التعامل معها ومعالجة مظاهرها وآثارها والعمل على تجاوزها.

الملل هو أن تشعر بأن ما تفعله وتقوم به في حياتك الاجتماعية أو المهنية بدأ يفقد المعنى، أو القيمة التي تجعله مؤثراً، ومع اشتداد الملل قد يشعر المرء بأنه (زائد) ويمكن الاستغناء عنه، أو يمكنه هو التخلي عن موقعه.

لذلك، فإن التأمل والتمعن في أدوارنا في الحياة وإيجاد معنى لمواقعنا وما نقوم به ونقدمه للآخرين هو مسألة مهمة جداً، وهي لا تعني أن نختلف في تقدير أعمالنا وأن نبحث فيها عن الكمال والعظمة، بل يكفي أن يكون دورنا أن نوفر خدمة للآخرين، أن نسهم في استمرار عمل ومهام غيرنا، وفي أبسط تعريف ألّا نكون مضرين أو سيئين أو معرقلين لمسيرة الحياة.


الوسيلة الأخرى للتغلب على الملل هي أن تؤمن بالتجديد وتمارسه، وهو تحدٍ كبير عند الكثير من البشر، حيث إنهم يرون في التكرار والنمطية شكلاً من أشكال الاستقرار الآمن الذي يوفر لهم نوعاً من الراحة، لكن مع أولئك الذين يداهمهم الملل الدائم فإن التغيير يصبح مطلباً ملحّاً يسعون هم إليه.


التغيير أحياناً لا يستدعي الكثير، كتغيير بسيط في ترتيب الأثاث، أو كسر النمط الاعتيادي للحياة بأخذ إجازة، أو الالتقاء بالأصدقاء في موقع ما.. قراءة رواية جديدة أو مشاهدة فيلم ناجح، جميعها سلوكيات تعمل على تجديد (الريتم) اليومي للحياة بما يخلق أسلوباً جديداً.

الأمر الأهم في حالة الوقوع في شراك الملل، هو تجنب الأشخاص السلبيين، الذين يجيدون الشكوى أكثر مما يجيدون اقتراح البدائل، والذين تضيق عندهم الرؤية النورانية، وينشرون التشاؤم والرؤية السوداوية للحياة.

إن وجود شخصيات إيجابية مفعمة بالأمل والتفاؤل في حياتنا هو ضرورة ونعمة، لأننا في غمرة استيائنا وسلبيتنا سنجدهم مبتهجين ومتفائلين ولا يقدرون الأمور بأكبر مما تستحق، وسيساعدوننا في اكتشاف البقع المضيئة فينا التي لا ننتبه لها، وفي التقاط العلاج المناسب لمشكلاتنا، ولإيجاد أكثر من وسيلة للنجاح.. الإيجابيون هم أنجع دواء للحياة المملة.