الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

موت من نوع آخر

تمرُّ على مخيلتي دوماً صور وتخيلات، لأولئك الذين يسكنون لوحدهم من كبار السن والمغتربين وغيرهم، كيف يقضون ساعات الوحدة المفروضة عليهم نتيجة إجراءات وقائية تتخذ في كل مكان مع التطورات الصحية لوباء كورونا. الوحدة مخيفة وتؤدي إلى عدة اضطرابات نفسية وسلوكية وقاتلة، بقدر ما هي صحية في حدودها المعقولة.

جامعة «غلاسكو» نفذت دراسة على أكثر من 3000 بريطاني، وتبين بأن واحداً من بين كل 10 أشخاص راودته فكرة الانتحار ما بين شهري مارس ومايو عام 2020، وبحسب وحدة الإسعاف في لندن، تم استدعاء المسعفين أكثر من 800 ألف مرة لإسعاف أشخاص يعانون من مشاكل عقلية ونفسية زمن الوباء الحالي.

الخوف من المرض مرض بحد ذاته! من أعراضه قلق وكآبة ومشاكل نفسية متفاقمة تصل إلى الانتحار، وهذه المشاعر تستهدف الجميع دون استثناء وبالأخص الأطفال ممن فقدوا مساحاتهم الحرة، وكبار السن ممن يحلق الموت فوق رؤوس مناعتهم، ومن الذين خسروا وظائفهم، والنساء ممن تراكمت عليهن مسؤوليات الأسرة والعمل والتعليم، والشباب الذين تركوا مقاعد الدراسة والعمل وتقلصت حياتهم التفاعلية مع الأصدقاء.


راودني تساؤل حول مدى توافر قاعدة بيانية في مجتمعنا، بشأن أولئك الذين يعانون من مشاكل نفسية واضطرابات ذهنية نتيجة تداعيات كورونا، هل مجتمعنا مثقف نفسياً بما فيه الكفاية لمجابهة المعضلات الذهنية داخل الأسرة والإسراع في اكتشافها قبل تطورها لأمراض جادة؟!


الشفافية في إيصال معلومات للجمهور من هذا النوع، ربما تسهم في إنقاذ شريحة من الناس لا تعي كيفية التعامل مع أزماتها العقلية والنفسية، والطبيب النفسي في هذا الوقت لا تقل أهميته عن أي طبيب آخر في غرف الطوارئ.