الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

انهزامية المبدع.. وأنصاف الموهوبين

وأنا أرى أنصاف الموهوبين يتصدرون المشهد الإبداعي في أماكن عدة.. أتساءل بيني وبين نفسي: «أين الموهوبون الحقيقيون الذين نرى إبداعاتهم المدهشة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ونقف أمامها مذهولين من فرط جمالها وتفردها؟».

المشكلة من وجهة نظري ليست في المتطفلين على المجالات الإبداعية، الذين نراهم يفرضون أنفسهم في جميع الفعاليات، بقدر ما هي في المبدعين الحقيقيين الذين يترددون كثيراً قبل أن يتخذوا قرارهم بالمشاركة.

يقول فان جوخ: «أنت مشغول بالتشكيك في نفسك، في حين أن الآخرين مرعوبون من إمكاناتك!».


لا أعلم حقيقة ما الظروف التي دفعت الرسام الهولندي الشهير للتصريح بهذه المقولة، لكني لا أستبعد أنه قالها في حالة استياء وغضب، من تسليط الأضواء على أسماء لا تستحق الشهرة، وانحسارها عن أسماء تستحقها بجدارة.


قبل سنتين تقريباً.. تواصلت مع أحد المبدعين الإماراتيين الشباب عبر رسالة إلكترونية بعد أن وقعت عيني على نصوص أدبية فائقة الروعة موقعة باسمه.. وسألته: «لماذا لا نرى لك إصداراً تجمع فيه هذه الأعمال البديعة ؟».. فرد بأسلوب أقرب إلى الانهزام منه إلى التواضع: «وهل تراها تستحق النشر أستاذي؟».

الحالة الشعورية التي انتابتني وأنا أقرأ رده، أعتقد أنها نفسها التي انتابت فان جوخ ودفعته للتصريح بمقولته التي خلدها التاريخ.. لأن تردد الموهوبين الحقيقيين، وإحجامهم عن الظهور هو ما يُفسح المجال لأنصاف الموهوبين لاحتلال السَّاحة، وتصدُّر المشهد.