الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

حياة عشواء.. وقدرها

يؤمن الصينيون بأن الحياة عبارة عن رحلة تحتاج إلى خريطة نسير وفقها، فكل شيء مخطط له والأمور مرتبطة ببعضها البعض لتؤدي إلى نتيجة معينة، إذ إن الطيور لا تحلق بل تركب الرياح، والأسماك لا تسبح بل تحملها المياه.

هو الإيمان ذاته لدى شعوب كثيرة ومعتقداتهم التي تقوم على أن كل شيء مقدر وفق خطة إلهية معينة لا يسهل فهمها.

ولكن تدفعك الظروف أحياناً للتفكر حول التخبط والعشوائية التي نمر بها، حول مسارات فُرضت علينا ولم نخترها بإرادتنا، فمن الصعب جداً اختيار شعور الإجبار، ولكن قبوله يختلف حينما يكون مفروضاً.


ترى نفسك خاضعاً خانعاً برضا تام، قد يعتريك سخط قبله ورفض وإنكار.. تفكك محاولاً بيأس مواقف جاءت وسط رياح قوية، تحاول أن تقنع نفسك بأنك قادر لوحدك على الإبحار فوق قطعة خشب مترنحة، تظن أنك ذلك الإنسان المعجزة، الذي ستتوالى له السيناريوهات التي يخطها بمخيلته لتبدو الحكاية مكتملة بشخوصها ممن اختارهم قبله.


لكن ها هو الموج العالي في مده الثالث يهددك.. يبتلعك.. حتى تتمنى أنك وسط كابوس مزعج تأمل أن تصحو منه بسرعة، ولكنك مكبل تقاوم الجاثوم.

صحوت فجأة، تأكدت أنك لست في حلم.. استسلمت واخترت الرضوخ.. ربما هو ليس رضوخاً بقدر ما هو تسليم لما هو آتٍ من فوق.. من إرادة أقوى منا جميعاً.. حيث ما كُتب في اللوح المحفوظ.. حيث لا ندري ما هو خير لنا إلا بعد حين.

وبين الرضوخ والتسليم رحلة روحية مضنية.. ليالٍ باردة باكية.. صمت وانتظار.. رغبة مخنوقة.. عين تائهة باحثة عن قشة أمل بين ظلمات اليأس.. تظنها تستحيل أن تحل.. لكن سيأتي اليوم لا محالة.