الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

هل الاقتصاد معادلة صفرية؟

خلال حقبة التسعينات الميلادية هيمنت شركة «وول مارت» الأمريكية على سوق التجزئة، وسيطرت على سلاسل الإمدادات، فوفرت البضائع بأسعار أقل بـ13% عن منافسيها، وبالرغم من أن هذا الأمر أحزن آلاف المتاجر الصغيرة التي أفلست وأقفلت أبوابها، إلا أن «وول مارت» وفرت على المستهلكين 200 مليار دولار سنوياً، لتبقى في جيوبهم كجيش احتياطي على أهبة الاستعداد لحفلة مشتريات أخرى.

نجحت سلسلة المتاجر الشهيرة في قلب الطاولة، فعندما كانت تفتتح فرعاً جديداً في أي منطقة تهبط أسعار البقالات بنحو 6% في المتوسط، وهذا الأمر ينطبق أيضاً على شركة «أمازون»، ورغم مسؤولية هذه الإمبراطوريات الكبرى عن إفلاس المتاجر الصغيرة وبطالة عمالها، إلا أن نجاحها الأساسي يكمن في توفير السلع بأرباح معقولة، ما يعني أنها ضمانة للتسعير العادل.

في أيام الثمانينات من القرن الماضي، تواجدت شركات كبرى ملء السمع والبصر، لكنها اختفت الآن من الخارطة، سواء عبر الإفلاس أو الاستحواذ، وحل محلها أخرى تحقق اليوم إيرادات قياسية وأرباحاً مشهودة، وهذا الأمر برمَّته ينقض خرافة أن الشركات تتعاظم فقط بسبب الرأسمالية المفرطة واللولبيات المتجذرة، متناسين أن جشع الأرباح جزاؤه العادل هو الطرد من المنظومة.


الاقتصاد إذاً ليس معادلة صفرية، فرفاهية إنسان لا تستلزم بالضرورة فقر شخص آخر، ومكسب تاجر لا يعني خسارة تاجر آخر، ونجاح دولة لا يعني فشل أخرى، حيث يمكن للجميع أن يربح بنفس الوقت، مع اختلاف درجات وسرعات النمو، ولهذا فإن المنافسة على إرضاء الزبائن هي أكبر محفز للابتكار، كما أن زيادة الطلب على الخدمات مرتبط بالتقدم التكنولوجي، ولهذا توظف «أمازون» اليوم 150 من حملة الدكتوراه في الاقتصاد بهدف قيادة دفة التحول في القطاع.