الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

يحدث أحياناً

ما يحدث في بعض الأحيان أن تناضل من أجل قضية هي ليست قضيتك بل قضية عدو لك، لكنك تجهل تلك الحقيقة، الحقيقة التي تكون واضحة أمامك لكنك لا تراها، يحدث ذلك في لحظة شرود أو غياب ليس متعمَّداً، أو لحظة فقدان تهوي بك إلى قاع عميق لا يمكنك الخروج منه أبداً.

يحدث أحياناً، أن تكون محاطاً بأجمل المشاعر والأحاسيس ولا تشعر بذلك، فتشتكي لنفسك من فقر المشاعر وجفاء الأحاسيس، بل قد تشتكي للقريب والبعيد بأنك تشعر بالجفاء والإهمال ممن يحيطون بك، فأنت تحصر نفسك في دائرة ضيقة، دائرة مفرغة من الحقائق، دائرة فيها كثير من الأوهام التي صنعتها لنفسك بنفسك.

يحدث أحياناً، أن تكون ضمن مؤامرة كبيرة فتجني على من يحبونك وأنت لا تشعر بذلك، كأن تصدق أقوال الوشاة والنمامين، فتتبع تزييفهم وتسير على خطى تخطيطهم، فتصيب كثير من الكوارث المتعمدة التي تضر بالآخرين، بل تضر من هم أقرب إليك دون أن تدرك ذلك.


يحدث أحياناً، أن تقتفي آثار السابقين وتتشبَّه بهم وأنت تظن نفسك تعيش المستقبل، كمن يقلد أزماناً وأقواماً رحلوا، ولو أن الزمان عاد بأولئك الراحلين لعاشوا هذه الحياة المعاصرة بحلوها ومرها، وتأقلموا مع معطيات الحياة الجديدة دون أن يتخلوا عن إيمانهم ومعتقدهم وعاداتهم وتقاليدهم.


القضية المتكررة التي تسيّر الأحداث دائماً هي الانغلاق الداخلي والانكفاء على بعض الوساوس والهلوسات الداخلية التي قد تودي بحياة الإنسان لو أنه استسلم لها، ذلك الانغلاق الذي قد يتحوَّل أحياناً إلى سجن، ذلك السجن يضيق كلما استسلمنا له حتى يطبق على أنفاسنا، فنصبح عاجزين عن أي شيء، خاصة التفكير.

الانعتاق هو الفعل الوحيد الذي يجب التعاطي معه، الانعتاق من الأوهام وآفات النفس وسيطرة تلك الشرذمة من المتنطعين الذي يتلذذون بالهيمنة على أفكار الناس ومعتقداتهم، تلك الشرذمة العارفة بأشياء كثيرة، لكنها مجردة من الأحاسيس والشعور بالآخر، لدرجة أنهم لو استطاعوا السيطرة على أرواحنا التي هي بيد الله وليس لمخلوق السيطرة عليها لسعوا للسيطرة عليها.. يحدث أحياناً أنك لا تعلم بأنك مسجون وأنه يتوجب عليك الفرار من ذلك السجن.