الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

إلى من يهمُّها أمرها

يا أنتِ! نعم، أنتِ.. كُفّي عن سخافاتك، ومراهقتك المفرطة، واطوي منولوج الشكوى، الكلاسيكي، المعطوب، فلن يسمعكِ أحد، ولن يحفل بوجعكِ أحد، هذا قدركِ، وعليك أن تتقبليه، وإن كان الثمن بالتخلي عن جل حقوقك، طالما تيقنتِ بأن الرجال لا يربطهم لا وعد، ولا ولد، وأن الخيبة الأولى ستجر خيبات، وخيبات، وطالما أنكِ استطعتِ أن تقطعيها وأنتِ بكامل قواكِ، فأنتِ إذن مهيأة لمواصلة المسير لوحدك بلا ظل لرجل يتبعك!

فلا تُنفقي عمرك في ضبط رجل يتبع شهواته، ومزاجه، ولم يعد يحفل بوجعك، ولا بحقوقك، وحقوق عيالك، ولا بجمعك لبراهين خياناته لك، فلا تنفقي المزيد من رحيق قلبكِ في النفخ في عروق قلبه المتكلسة، فلم تعد تُجدِي فيه «صعقاتك» التي تسقطينها في صدره بين الحين والحين كلما فاض بك منه، وكأنكِ تناطحين نفسك!

عزيزتي: كفّي عن محاولاتك في استراجع جذوة، أوارتعاشة الحب الأولى بينكما، أو استدرار غريزته، لإحياء عطرك في زحمة «الروائح» التي تسكن أنفه، وكوني شجاعة في تحمل مسؤولياتك الآن، وأديري بوصلة تفكيرك، ومشاعرك، ولا تهدري أعصابك، وعمرك في إصلاح من اختار طريق اللارجوع، قاومي نوبات غضبك.. استسلامك حينما يفيض بك وجعك ويسدل غلالته على روحك، ويجعلك كائناً بلا قرار، لا يجيد سوى البكاء، والصراخ حتى الإنطفاء!

اتركيه، والتفتي إلى أبنائك.. حصاد عمرك.. عكازكِ حينما تكبرين، الكتف التي ستتكئين عليها، يوماً، حينما يذهب كلٌّ إلى شأنه، فكل المعارك خاسرة إلا معركة أم حنون، صبور، واعية، تتنازل عن حقوقها طوعاً، تضع صخرة على جراحها وتمضي في دورها كأم مسؤولة.. تحيط بأبنائها كالطير الجارح، ولا تكترث لجراحها، أو خيباتها.

وسيمر الوقت سريعاً عزيزتي، ستكبرين، وربما سيهرم هو بعيداً عنكِ، وعنهم، ولن يحظَ بهذا النعيم، حينما تتفاجئين بأنهم قد كبروا سريعاً، وظِلالهم قد طاولت ظِلك بالحنو، والمحبة لكِ، وعليكِ، وسيغص قلبك بالفرح، وأنتِ ترينَهم في أعمارهم، ومهامهم الأبوية، الجديدة تجاهك، تزاغي قلبك النشوة التي لها طعم جني الحصاد الثمين، وربما ستستشعرين معنى آخر للزهو بلذة الانتصار في الحياة، وربما ستستذكرين شيئاً من طيشك كامرأة غيور كادت يوماً أن تحرق حصادها هذا!