الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

مرجعية التَّديُّن هي الأهم

إذا كان وجود طائفة العلماء لتفقيه أفراد الناس في أمور دينهم فرض كفاية، فإن الدين يعني جميع الناس، وبدون أدنى شك، يهتم الدين بمصير البشر اهتماماً يترتب عليه كل ما يجلب لهم المصالح، ويدفع عنهم المفاسد، ويمنعهم عن معصية الله، سبحانه وتعالى، وينهاهم عن ظلم أنفسهم، أو عن ظلم من حولهم من الناس أجمعين، بغض النظر عن ألوانهم ودمائهم وأديانهم وأجناسهم وجنسياتهم؛ ويضمن لهم كذلك العدل، بل ويدعوهم إليه، ويكفل لهم حقوقهم الخاصة من مسؤوليات ومساواة، ويصونها لهم، ويؤمن لهم كل ما يمنعهم عن الفهم القاصر للدين.. الدين، تدخل فيه مختلف الأمور التي تهم كرامة الإنسان، وبعض هذه الأمور تتعلق بالحدود الدنيا من الضروريات، وبعضها قد نجده في الأخلاق أو الأعراف أو العادات، وبعضها قد نجده في القوانين ومختلف التنظيمات، وبعضها نجده كلك في التعاملات التي بيننا؛ وأي تفريط في أي من الأمور السالفة، يعني وجود خلل، وهذا الخلل لا بد من المسارعة في علاجه، حتى تتيسر أسباب معاش البشر..

الدين، وكما هو معروف، ثلاثةُ مقامات: الإسلامُ، والإيمان، والإحسان، وهذا أمر قد ثبت بالتواتر، عن سيد البشر، صلَّى الله عليه وسلَّم، في الحديث الصحيح، ويهمني هنا التنويه عن الركن والمقام الثالث للدين، الذي سأل عنه سيدنا جبريل، عليه السلام، سيدنا رسول الله، صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو الإحسان، الذي جاءت الإجابة عنه في الحديث الشريف، الذي رواه سيدنا عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، بأنه «أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك»؛ ولن يصل العبد لله لهذا المستوى من الخلُق القويم، إلا بتزكية النفس، والتحقق بتوحيد الله بالحال والمقال، وتوقير القيم المشتركة بين الناس، والحكمة، والكياسة، والعفو، وكظم الغيظ، والتسامح، وقبول الاختلاف، والشعور بالمسؤولية نحو الدين، والوطن، والتاريخ، والهوية، والثقافة، والحضارة..

إن تدين الإنسان لا يختلف بحسب هويته أو مكانه أو زمانه أو جنسه أو لونه، والفرق الجوهري يكمن في مرجعية ما يقوم به الإنسان من عمل.. هل هي مرجعية ربانية، أم فلسفية؟.. أي هل العمل لله أو للناس فقط، وهل النية قوية من أجل حماية الدين، أو أنها تحتاج إلى تقوية؟ وأقصد بالحماية هنا؛ حماية الدين من أنه يرتكز على الشعائر والعقائد فقط، ونسيان أن المستقبل هو للتدين الزاهر، وللمتدين المميز.