لا تكن كاروشياً

الطمع والرغبة في كل شيء طبيعة في نفوس بعض الناس، والحديث عن الإنتاجية واستغلال الوقت نوع من ذلك لأن الناس يريدون فعل كل ما يمكن خلال الوقت القليل الذي نملكه في هذه الحياة، وهذا قد يجعل البعض يقيس الأشياء بالكم، حيث يصبح إنجاز عدد من الأعمال وشطبها من الدفتر أو التطبيق هدفاً في حد ذاته بدلاً من التفكير في نوع الأعمال التي لم ينجزها الفرد، ويصبح وقت الفراغ هو العدو لأنه وقت إن لم يستخدم للإنجاز فهو وقت ضائع.

البعض يزيد على ذلك بأن يجعل الوقت كله للعمل، فلا يستخدم وقت الفراغ للترفيه أو الراحة لأنهم يظنون أن هذا هدر للوقت ويمكن استغلاله للعمل، وقد يذهب البعض أبعد من ذلك بتقليص وقت النوم لأنه مضيعة أخرى للوقت، لكن عاجلاً أو آجلاً سيتعلم الدرس عندما يجد نفسه متعباً ومضطراً للنوم أو في حالة بعض اليابانيين يسقطون من الإعياء ويرحلون من الدنيا، فيموتون بسبب العمل، حتى أعطوا لهذه الظاهرة اسماً هو «كاروشي».

ثم هناك السرعة ونحن في عصر السرعة، التقنية تجعلنا نعيش في مكانين أو أكثر فالفرد منا له وجود أمام شاشة، وفي الشاشة له وجود في غرفة دردشة وفي تطبيق تواصل للعمل وفي شبكة اجتماعية، ويتنقل بين هذه الأماكن ليشارك في كل ما يمكن، ويرى كل ما يمكن ويحرص على ألّا يفوته شيء، والبعض لا يكتفي بأن يكون منتجاً بل يحاول أن يكون منتجاً وبسرعة.

تمهل، اختر القليل، واقبل بأن أكثر ما في الدنيا سيفتونك.