الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

التحرش.. وغياب الردع

‏ما تكشفه الكاميرات هو ما بات يثير موجة الغضب الشعبي عقب كل حادثة تحرش، أما ما يجري في الخفاء فهو المجهول المسكوت عنه، والذي يجب محاربته بدولنا العربية، التي تغيب عن أغلبها القوانين الواضحة الرادعة، لمعضلة باتت تشكل خطراً يستهدف النساء والأطفال، وسط تكاسل وتجاهل الجهات الرسمية عن التدخل بشكل فعال.
المشكلة ليست بشخص المتحرش لواقعة بذاتها، ويجب ألا تكون كذلك حتى لا تتحول لقضية فردية، وإنما هي تعميم ثقافة ذكورية، لا نقصد بأن نلقي اللائمة بها على جميع الرجال بالمشاركة بها، بل المقصود تحديداً التغاضي عنها والتسامح مع مقترفيها، وعدم التحرك لمواجهتهم، وتشمل كتعريف لها الاغتصاب والتحرش الجسدي، دون أن ننسى بالطبع التحرش اللفظي، الذي قد يكون بدوره الأعم والأكثر انتشاراً، فيما ضرره النفسي على من تتعرض له مدمر، ومآلاته ذات وقع سيئ تفقد بسببه الأنثى والطفل حس الأمان والثقة بالمجتمع.
التحرش ليس بمعضلة صعبة الحل دون الاستهانة بها بالطبع، ولا يمكن القضاء عليها تماماً، ولكن يمكن الحد منها وتحجيمها لأضيق الحدود في حال تطبيق قوانين رادعة، كإدراج المتحرشين بقوائم يتم تعميمها، يسهل من خلالها تعقبهم ومعرفة أماكن سكنهم، للحد من تواجدهم في المواقع الأكثر عرضة لممارسة نشاطهم اللاأخلاقي، وأخذ الحيطة والحذر منهم، كما ينبغي تقنين تغليظ العقوبات بحقهم، مع التشهير حتى يرتدع الآخرون، علماً بأن هذه الحلول معمول بها في الولايات المتحدة وأغلب الدول الغريبة، لدرجة أن من يتم إدراجه في القائمة يمنع من ممارسة أي عمل قد يشكل فيه خطراً على الأطفال على وجه التحديد.