الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

أولويات مبعثرة

عندما نتحدث عن التربية، تتردد على مسامعنا عبارات يحاول أصحابها تبرير غيابهم الطويل عن أبنائهم، مثل «لا يهم مقدار الوقت الذي تقضيه مع أبنائك، المهم جودته»، أو بعبارة أخرى «ساعة واحدة جيدة تقضيها مع أبنائك، أفضل من 5 ساعات غير جيدة تقضيها وأنت شارد الذهن عنهم».

هذا الكلام صحيح من الناحية النظرية، لكن ما نراه على أرض الوقع غير ذلك، ففي السنوات الأخيرة طغت النزعة المادية على تفكير الكثير من الآباء والأمهات، وأصبح جمع أكبر قدر من الأموال في نهاية الشهر هو شغلهم الشاغل، وفي سبيل ذلك خرج الوالدان إلى العمل وتركا مسؤولية المنزل على العمالة المنزلية.. وكلما لاحت فرصة للترقي، لا يترددان في قبولها، وأن اقتضى ذلك غيابهما لفترات أطول عن البيت.

البعض لا يرى مشكلة في ذلك، ويقول: إن الواقع المعاصر فرض هذا النمط من الحياة.. وإن كل هذا الغياب والانشغال يصب في النهاية لصالح الأبناء، ويكفل لهم حياة كريمة لا يمكن أن تتوافر في حال تفرغ أحد الأبوين لرعاية العائلة، أو اكتفى بوظيفة متوسطة تدرُّ دخلاً مقبولاً، وهنا نجد أنفسنا أمام سؤال كبير، مفاده:


ـ هل نحن منشغلون فعلاً بتوفير الحياة الكريمة لأبنائنا، أم تجاوزناها إلى الرفاهية المُبالغ فيها؟


الإجابة الموضوعية على هذا السؤال من شأنها أن توضح الكثير، لأن التربية الحسنة أولوية، والحياة الكريمة أولوية، لكن الرفاهية المُبالغ فيها ليست أولوية، خصوصاً إذا كانت على حساب أمور أهم منها بكثير!