السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

التواصل ضرورة أم رفاهية؟

بعد أن كان لحوالي 2.5 مليون سنة يعتمد الإنسان في عيشه على صيد الحيوانات وجمع النباتات، اهتدى إلى تدجين الحيوانات والسيطرة على النباتات قبل حوالي 10 آلاف سنة، وكانت تلك بداية عصر الزراعة واستقرار الإنسان في تجمعات بشرية.

استقرار الإنسان ساعده بعد ذلك على التفكير في اكتشاف كل ما من سبيله أن يجعل حياته أكثر راحة وقدرة على إنجاز الأعمال الشَّاقة في أوقات قصيرة وبأقل جهد ممكن، وهو أمر محمود دون شك.

أحد الجوانب المهمة التي سعى الإنسان إلى تطويرها وتحسينها هي وسائل التواصل مع الآخرين، وإمكانية اختصار الوقت، فبعد أن كانت الرسائل حتى عقود قريبة، تأخذ الأسابيع والأشهر لكي تصل للطرف الآخر، أصبحنا نعيش في عصر يُمكّن الإنسان من إيصال رسالته للطرف الآخر في ظرف قد لا يتجاوز الثواني المعدودة.


مع مرور الوقت، أصبح التواصل بين البشر أقرب إلى الرفاهية منه إلى الضرورة، وبات من الصعوبة أن يعيش بدون التواصل المستمر مع الآخرين، هذا التواصل بعد أن كان بمثابة جرعات متباعدة من الطمأنينة يحتاجها الطرفين، بات أشبه ما يكون بالعبء على الجميع ومصدراً للقلق والخلاف.


فمثلما كانت الثورة الصناعية، ومن قبلها الثورة الزراعية سبباً رئيسياً في تحول مجرى البشرية وطريقة عيشها، كذلك التقدم الهائل في وسائل التواصل بين البشرية سيكون دون شك أحد أسباب دخول البشرية طوراً جديداً من أطوار التغيّر الجذري.

سَعْي الإنسان الدؤوب والمستمر نحو توفير حياة أكثر سهولة وراحة، قد ينتج عنه ـ دون قصد منه ـ حياة أكثر معاناة وتعقيداً ومشاكل جديدة لم تخطر على باله.