الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

الإشباع الناقص

ماذا يعني أن تشغل وظيفة مرموقة، ومن خلالها تحصل على راتب كبير، يمكنك بواسطته بناء منزل فخم وشراء سيارة فارهة، وتوفير حياة كريمة لك ولعائلتك؟

كل ما سبق يعني شيئاً واحداً فقط، هو أنك نجحت في إشباع أجزاء كبيرة من حاجاتك المادية الضرورية وشبه الضرورية، وهي خطوة مهمة دون شك في رحلتك الطويلة للوصول إلى السعادة.

لكن بما أننا قلنا خطوة، فهذا يعني أن ثمة خطوات أخرى، من دونها لن تتمكن من الوصول إلى السعادة المنشودة، حتى إن أشبعت كل حاجاتك المادية، وهو أمر مستبعد إلى حد كبير لأن الإشباع الكامل للحاجات لا وجود له في حياتنا الدنيوية، فالحاجات بطبيعتها متجددة ومتنوعة ومتزايدة.


كل جسم متحرك في هذا الكون يحتاج إلى التوازن، وبدونه تختل حركته ويحيد عن مساره.. وقد يسقط ويتحطم، أو يلقى مصرعه.


مشكلة الإنسان المعاصر أنه صبَّ كل اهتمامه على إشباع حاجاته المادية، وفي غمرة انشغاله بإشباعها غفل كثيراً عن حاجاته المعنوية.. فنجده يبني فيلّا كبيرة تتوفر فيها كل وسائل الرفاهية، لكنه لا يجد الوقت للجلوس مع عائلته فيها.. يهتم بتوفير مصروف كبير لجميع أفراد أسرته، لكنه يبخل عليهم بالوقت والاهتمام والتفاعل المباشر.. يشتري لهم تذاكر سفر على الدرجة الأولى، لكنه يعتذر عن السفر معهم لكثرة مشاغله.

ولذلك كله، ورغم كل هذا الإشباع المادي.. يبقى شعورهم بالسعادة ناقصاً، لأن أرواحهم عطشى، وفي حاجة ماسَّة لأشكال أخرى من الإشباع.