الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

العرف بين التقنين والإلغاء

في المجتمعات التي تولي مكانة للتقاليد المجتمعية والقبلية وتمنحها وضعاً نافذاً، يتم العمل بقوانين خاصة غير مقننة يطلق عليها القانون العشائري إلى جانب القانون المدني الذي تعمل به الدولة، وهو ما أوجد ازدواجية في نظام العدالة، ويمكن الركون إليه في القضايا التي تمس المجتمع بقبائله وعشائره وكافة أطيافه، مع سماح مؤسسات الدولة بذلك من باب تجنب الاصطدام مع مكون مؤثرٍ بها أو من قبيل الرغبة في تخفيف الحمل عنها.

بكلا الحالتين، بات من الجدلي الاستمرار بنظامين أحدهما رسمي وآخر عرفي مستمد من العادات والتقاليد، التي لا يُمنع أن تكون من مصادر التشريع، ولكن دون أن تكون جهة يُحتكم إليها عوضاً عن النظام العدلي والقضائي الرسمي.

نظريّاً، هناك خيط يتسع للفرق بين العرف والعادات والتقاليد والقانون، وهو ما جعل العلاقة بينهما متشابكة وخصوصاً بالدول العربية، واعتبر خرق العرف خرقاً للقانون وإن لم يكن مشرعاً من خلاله، ولكن بالدول الغربية هناك قانون لا علاقة للعرف به ولا يعتد به بالتشريع، ولذلك يحاسب مخالفه وفق نص القانون.


لنضرب مثالاً بسيطاً للتوضيح.. في أغلب الدول العربية ينص القانون على الاحتشام فيما يُعرف اصطلاحاً بعدم خدش الحياء العام، ولكن دون تحديده بالضبط وعلى أي شاكلة عدا عن الخطوط العريضة الموضحة، فيما مفهوم العرف للاحتشام متغير حسب البلد، فهناك من كان يعد كشف الوجه وشعر المرأة وإظهار الزينة مجَرّماً، فيما هو شأن خاص وحرية شخصية لا تعريف مقيداً لها بدول أخرى، وكذلك يمكن القياس على تغطية الجسم، فما بين التقييد بارتداء العباءة ولبس الجينز وغيرها.