الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

رمضان.. وتغيير عاداتنا

قد يكون أقسى ما يواجهه الصائمون في أول يومين من شهر رمضان المبارك هو الصداع والشعور بالهبوط والإعياء، وذلك لأن الجسم يصدم بانقطاع مفاجئ عن المنبهات (الشاي والقهوة) والسكريات، وأحياناً (السجائر)، ثم يبدأ الجسم بالتعافي من آثار ما يشبه (الإدمان) ابتداء من اليوم الثالث، هذا يعني أن التزامنا بعادات كثيرة في الأيام العادية وتمسكنا بها، نتيجة عشق معين لها أو تصورات بأهميتها في تجويد النمط اليومي لحياتنا، هي تصورات ذهنية يمكن التخلي عنها، وهذا يعني أيضاً أن شهر رمضان المبارك يمكن التعامل معه باعتباره درساً وعلاجاً يؤهلنا للتخلص من الكثير من العادات السيئة التي نستطيع الاستمرار في التخلي عنها بعد شهر رمضان المبارك.

قد يكون شهر رمضان ليلاً بعد الإفطار، هو من أسوأ مواسم السنة، بالإضافة إلى الأعياد في النظام الغذائي والصحي؛ إذا لم ينتبه المرء إلى سلبيات النظام الاجتماعي الخاص في شهر رمضان، ولكن الامتناع القسري الصباحي عن كل شيء مباح أو ممنوع هو فرصة إيجابية يمكن استثمارها، فكيف نستثمر العادات الصحية الإيجابية التي نمارسها في نهار رمضان للإقلاع عن العادات السلبية مثل الإفراط في المنبهات والسكريات والتدخين؟

في البدء يجب أن يكون المرء مقتنعاً بأن الإفراط فيما سبق هو عادات سليبة وليس نمط حياة ذاتياً، أو نمط متعة يومياً، ثانياً عليه أن يحدد السلوكيات التي يريد التخلي عنها بجدية، مثل التدخين أو زيادة تناول السكريات، أو الإفراط في شرب القهوة، ثم يستبدل النتائج السلبية التي تترتب على تلك الإفراطات بنتائج أخرى إيجابية يكافئ بها نفسه.


الأمر ليس بتلك السهولة، فتغيير العادات التي ألفناها والتي تمنحنا الراحة والتكيف مع نظامنا اليومي ليس أمراً سهلاً، ومجرد التفكير في التغيير هي مسألة غير مطروحة لدى كثيرين وليست ذات داعٍ أو جدوى في نظرهم، وليس قراراً ممتعاً بالنسبة للكثيرين، فهي تحتاج إرادة خاصة وبرمجة عقلية جديدة ترى الأمور وتشعر بها بصورة تختلف عما كانت عليه سابقاً، لذلك فإن اتخاذ قرار تغيير النظام الصحي اعتماداً على النمط الجديد في الحياة الذي يفرضه شهر رمضان هو فرصة جيدة يصعب تكرارها بعد انتهاء شهر رمضان.


النظام الرمضاني هو أحد عطايا الشهر الكريم، التي تمنحنا البركة وفرص التأمل في طبيعة الحياة، وكيفية إدارة النعم، ويبقى شهر رمضان مليئاً بدروس وحكم أكثر مما يمكن عدُّه.. فكل عام وأنتم بخير وصحة وسلامة، وكل عام وأنتم من الله أقرب.