الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

«نِعم الحياة».. والصور المتنكرة

«نِعَم الحياة الخمس» قصة قصيرة للأمريكي مارك توين (1835-1910)، فيبدأ في قصته: «جاءت الجنية الطيبة القلب»، وبذلك نقلنا الكاتب إلى الخيال مُمرِّراً اختزالاته بسلاسة، الجنية تحمل 5 هدايا هي: نعمة اللذة والحب والشهرة والثروة والموت، وطلبت من الشاب أن يختار واحدة لتُشعره بالمسؤولية، لكنه تعجل واختار اللذة ثم اكتشف بعد سنوات أن كل صنوف اللذة قصيرة المدى.

ولأن الجنية طيبة عادت له تسأله أن يختار مرة أخرى فاختار الحب، وبعد سنوات مات المحبوب واكتشف أن الحب غير دائم، وفي المرة الثالثة فكر قليلاً قبل أن يختار الشهرة، وبعد أمدٍ ملأ اسمه الدنيا على مدى فترة من الوقت، ثم جاءه الحسد والذم والنميمة، فالبغض فالاضطهاد، ثم السخرية التي هي بداية النهاية، وانتهى الأمر بالشفقة وهي جنازة الشهرة، وهكذا اختار في المرة الرابعة نعمة الثروة لكنك بعد سنوات وجدته يرتجف من البرد في غرفة حقيرة، شاحباً غائر العينين، رثّ الملابس يقضم كسرة خبز جافة.

أخذ يتمتم: كل هدايا الحياة خدع وكذب، إنها ليست هدايا بل إعارات، اللذة والحب والشهرة والثروة ليست سوى صور متنكرة مؤقتة لحقائق تقبع خلفها هي الألم والحزن والعار والفقر، ووجد أن من بين هذه الهدايا الخمس ليس هناك أثمن من الموت، الذي يغمر الإنسان بالنوم الهادئ الأبدي، لذلك اختاره في المرة الخامسة، إلّا أن الجنية اعتذرت منه لأنها أهدته لأحدهم، وبذلك لم يجد صاحبنا الموت المريح، وأكمل شيخوخته.

استحضرت هذه القصة أثناء صراعي مع مرض كورونا، بعد الشفاء قد يتغير موقفي.. متعكم الله بالصحة.